الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إهمال الزوجة وسبّها وتهديدها بالطلاق يتنافى مع حسن العشرة

السؤال

أنا أعمل مدرّسة، متزوجة منذ خمس سنوات، ولديَّ طفلان، وأعاني من عدم التفاهم، والإهمال في كل شيء، وقلة الاحترام، وهو يسبني بألفاظ مهينة، ويقذفني وأهلي، منذ أول سنة في الزواج، وكنت أتحمّل، ولكن زوجي لا يتغير، وهو كثيرًا ما يحلف بالطلاق في أشياء تافهة، ويضرب على كل شيء، وهو لا يعجبه شيء، ويعيب شكلي، وهيئتي، ويقلّل شأني؛ حتى أفقدني الثقة في نفسي، فأصبحت لا أستطيع الأكل؛ لأن نفيستي تدمرت، وأصبح يقول لي: سوف أطلّقك، وأتزوج بأخرى، وأنت سوف تأخذين بنتك، واتركي لي الابن، وهو يشك في سلوكي كثيرًا، وينظر لي نظرات الخيانة، ويفتش هاتفي.
لم يكن لديَّ حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح لديَّ حساب منذ شهور، وتعرفت إلى مجموعة جميعها فتيات، ومسؤول المجموعة ولد، وجميعهم أعمارهم 15 عامًا، في المرحلة الإعدادية، وكنت أتناقش معهم، ونضحك، ونمزح، وأعاملهم كإخوتي الأطفال، وجميعهم يعرفون أنني متزوجة، ويحترمونني جميعًا، ولم أكن كثيرة الجلوس عليه؛ لأنني مشغولة مع أولادي، فكنت أتغيب كثيرًا، فوجدت رسالة من صاحب المجموعة: "كل سنة وأنت بخير، وبسعادة، يا رب"؛ لأنه كان عيد الفطر المبارك، فرددت: "حبيبي، أول شخص يعيد عليّ"، وكنت في حالة اكتئاب بسبب زوجي؛ لأن الأطفال يحبونني، ويحترمونني، وزوجي يعاملني بقسوة، ووجد زوجي الرسالة؛ بسبب شكّه الدائم، وأنا سليمة النية، وتاركة الهاتف مع ابني طول الوقت، ولكنه لم يصدّق، وأصبح يهينني بأبشع الألفاظ، كأنني زانية، ولكني تحملته؛ لأنني لم أفعل ذلك من قبل، وشعرت بالحرج من الولد؛ لهذا رددت على الرسالة، وهجرني زوجي فترة، وأصبح يحادثني بعد محاولتي إرضاءه؛ حتى يصدقني، وبعدها أصبح والده يعطيه أموالًا ليصرف على المنزل منذ شهرين، مع العلم أنني كنت أصرف على المنزل؛ لأن راتبه ضعيف جدًّا، ولا يكفي أي شيء، علمًا أنه كان على خلاف دائم مع والده، وأصبح الآن أكثر عنفًا منذ أن أصبح لديه أمواله الخاصة، وصار يهينني أكثر، وقد تركت المنزل منذ أسبوعين؛ لأنه سبني، وشتمني، وضربني يوم العيد، ولم يعتذر، ولكنني مكثت في البيت بعدما انتهينا من ذبح أضحية العيد؛ حتى يوم العيد الثالث، لعله يطيب خاطري، لكنه لم يفعل، بل أصبح يهددني بالرسالة، ويقول: سأخبر الناس، وبعدها سأطلقك.
علمًا أنه كان يطلّقني ولا أترك المنزل، ولا يعرف ذلك أي مخلوق؛ حتى يذهب إلى الأزهر، ويأتي بالفتوى، ولكني الآن أصبحت لا أطيقه، ولكن أولاده يحبوه، فماذا أفعل؟ وهو لم يحاول السؤال عن أولاده منذ يومها، ومن الملاحظات أيضًا على سؤالي أنه عندما كان يضربني، كنت أرفع صوتي عليه، وأتكلم عليه، أي أنني كنت أخرج عن طوري.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان حال زوجك معك على ما ذكرت من الإهمال، والسبّ، والإهانة، والضرب، والتهديد بالطلاق، فتصرفاته تنمّ عن سوء خلق، وتتنافى مع ما أمر به الشرع من إحسان معاشرة الزوجة، كما في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، وثبت في حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي.

والشرع يبيح لك طلب الطلاق من هذا الزوج، إذا كان يؤذيك، أو يضرّ بك، وتراجع الفتوى: 44974.

ولكن خروجك من بيت الزوجية، لا يجوز، إلا لمسوغ شرعي، كأن تكوني خشيت على نفسك منه ضررًا بالاعتداء عليك، ونحو ذلك، وانظري الفتوى: 110905، والفتوى: 65363.

ونوصي بأن يتدخل العقلاء من أهلك وأهله؛ لأجل الصلح، فالصلح خير، فمهما أمكن المصير إليه، فهو أمر حسن. ولينصحوه أن يمسك بمعروف، أو يفارق بإحسان.

وبخصوص ما ذكرت من كثرة حلفه بالطلاق، فراجعي الفتوى: 11592، والفتوى: 19562، ففيهما بيان حكم الحلف بالطلاق، وما يترتب على الحنث فيه.

ورفع المرأة صوتها على زوجها، لا يجوز، بل هو نوع من النشوز.

والغضب ليس عذرًا ينتفي معه التكليف، إلا إذا كان صاحبه لا يعي ما يقول، وراجعي الفتوى: 35727.

وأما رد إساءته بالمثل، فجائز، والعفو أفضل، وراجعي الفتوى: 189933.

وتواصل المرأة مع رجل أجنبي عنها، لا يجوز، وهو باب من أبواب الفتنة، ولكن هذا لا يسوغ للرجل اتهام زوجته في عرضها، فهذا أمر خطير، لا سيما إذا وصل للقذف، الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، كما هو مبين في الفتوى: 93577.

الله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني