الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأشاعرة بين المتقدمين والمتأخرين

السؤال

هل عقيدة الأشاعرة قديما كالحديثة، أي هل أتباع وعلماء المذهب الأشعري من المتأخرين على منهج وعقيدة وأصول الأئمة السابقين المتفدمين منهم، أي أبو الحسن الأشعري-رحمه الله- قبل أن يعود عنها وغيره من الأئمة؟ أم أنهم يخالفونهم، ولا يتبعون ما اتبعوه؟
فهل كان الأشاعرة سابقا لا يثبتون إلا سبع صفات كما يفعل المتأخرون منهم حاليا؟
وبارك الله فيكم، وجزاكم كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهناك خلاف بين مذهب أبي الحسن الأشعري وقدماء أصحابه، وبين مذهب المتأخرين منهم، في مسائل، منها مسألة: الصفات الخبرية الزائدة على الصفات السبعة أو الثمانية، فيثبت ذلك القدماء، وأما المتأخرون فلا يثبتون ذلك بل يؤولون أو يفوضون.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض: أهل الإثبات للصفات لهم فيما زاد على الثمانية ثلاثة أقوال معروفة: أحدها: إثبات صفات أخرى، كالرضى والغضب والوجه واليدين والاستواء. وهذا قول ابن كلاب والحارث المحاسبي وأبي العباس القلانسي والأشعري وقدماء أصحابه، كأبي عبد الله بن مجاهد وأبي الحسن بن مهدي الطبري والقاضي أبي بكر بن الطيب وأمثالهم. وهو قول أبي بكر بن فورك. وقد حكى إجماع أصحابه على إثبات الصفات الخبرية، كالوجه واليد، وهو قول أبي القاسم القشيري وأبي بكر البيهقي. كما هو قول القاضي أبي يعلى وابن عقيل والشريف أبي علي وابن الزاغوني وأبي الحسن التميمي وأهل بيته كابنه أبي الفضل ورزق الله وغيرهم، كما هو قول سائر المنتسبين إلى أهل السنة والحديث. وليس للأشعري نفسه في إثبات صفة الوجه واليد والاستواء وتأويل نصوصها قولان، بل لم يختلف قوله أنه يثبتها ولا يقف فيها، بل يبطل تأويلات من ينفيها. ولكن أبو المعالي وأتباعه ينفونها، ثم لهم في التأويل والتفويض قولان: فأول قول أبي المعالي التأويل، كما ذكره في (الإرشاد) وآخرهما التفويض كما ذكره في (الرسالة النظامية) وذكر إجماع السلف على المنع من التأويل وأنه محرم. وأما أبو الحسن وقدماء أصحابه فهم من المثبتين لها. وقد عدَّ القاضي أبو بكر في (التمهيد) و (الإبانة) له الصفات القديمة: خمس عشرة صفة، ويسمون هذه الصفات الزائدة على الثمانية الصفات الخبرية. وكذلك غيرهم من أهل العلم والسنة، مثل محمد بن جرير الطبري وأمثاله، وهو قول أئمة أهل السنة والحديث من السلف وأتباعهم، وهو قول الكرامية والسَّالمية وغيرهم. وهذا القول هو القول المعروف عند متكلمة الصفاتية لم يكن يظهر بينهم غيره، حتى جاء من وافق المعتزلة على نفيها وفارق طريقة هؤلاء. اهـ.

ولتفصيل ذلك يمكن الرجوع للرسالة العلمية: (الصفات الخبرية بين الإثبات والتأويل) ففيها فصل للموازنة بين مذهب الأشعري والأشاعرة، وبيان مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري وقدماء أصحابه (من ص 256 : إلى ص 284). وكذلك كتاب (موقف ابن تيمية من الأشاعرة) ففيها فصل عن تطور مذهب الأشاعرة وأشهر رجالهم. وانظر الفتوى: 5719، والفتوى: 130884 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني