الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام مساعدة المحتاجين والقريب الوارث الفقير

السؤال

والدي توفي قبل ستة أشهر -رحمه الله، وغفر له، وأحسن إليه-، وتركنا على فقر وحال متدهورة. وعنده عدد من الأشقاء والشقيقات، ولكنهم لا يسألون عنا، ولا يتفقدون أحوالنا لمعرفة ما ينقصنا، مع العلم أنه لا يوجد دخل شهري لتغطية مصاريف المعيشة. ولا نستطيع إكمال الدراسة بسبب عدم وجود مصاريف، وهم يعلمون كل ذلك، أو حتى إذا لم يعلموا فباستطاعتهم أن يعرفوا عبر السؤال، ونحن حاليا بحمد الله نسعى في تكوين ما يمكننا من تغطية المصاريف. وهناك شخص واحد فقط كان يقف معنا قبل وفاة والدي، ولا يزال معنا حتى الآن يساعدنا بما يستطيع -جزاه الله عنا كل خير-
السؤال يا فضيلة الشيخ هو: كيف أتعامل مع أعمامي وأخوالي الذين لا يضعوننا في حسابهم، ولايرونا أهلا لهم أو أقرباء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل أن يحسن عزاءكم، ويجبر كسركم، وأن يتغمد والدكم برحمته الواسعة، ويرفع درجاته في الفردوس الأعلى، وأن يبارك فيكم ويخلفكم فيه بخير.

ونوصيكم بالالتجاء الله تعالى وسؤاله حاجتكم؛ فهو الغني وخزائن الأرزاق بيده، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه الترمذي عن علي -رضي الله عنه- أن مكاتبا جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي؛ فأعني. قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير دينا أداه الله عنك؟ قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.

ولعله سبحانه ييسر أمركم ويرزقكم من حيث لا تحتسبون؛ فكم رأينا ممن فقدوا عائلهم؛ فتكفل الله أمرهم، فصاروا إلى حال أفضل من حالهم في حياة عائلهم، ومن يستغن؛ يغنه الله، ومن يستعفف؛ يعفه الله.

وإن كان أقرباؤكم وذوو رحمكم لا يتفقدون أحوالكم، ولا يعينونكم مع استطاعتهم ذلك؛ فإنهم مقصرون، وقد يأثمون بذلك؛ لأن الراجح من كلام الفقهاء وجوب نفقة القريب الوارث، فراجع أقوال الفقهاء في الفتوى: 44020.

وقد ذكر أهل العلم أيضا أن مساعدة المحتاجين فرض كفائي على عموم المسلمين.

قال ابن تيمية: وَيَجِبُ الْإِعْطَاءُ فِي النَّائِبَةِ, وَيَجِبُ إطْعَامُ الْجَائِعِ، وَكُسْوَةُ الْعَارِي فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ ... اهـ.
ونوصيكم بالصبر على أقاربكم وصلتهم وإن قطعوكم، فذلك خير لكم، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: « لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك».
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني