الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام المال المكتسب من محرمات

السؤال

أفيدوني أثابكم الله، فأنا في حيرة من أمري.
كنت أعمل في مؤسسة تدعى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
يتمثل عملي في مراقبة حسابات الشركات الخاصة المنخرطة بهذا الصندوق، وبالتحديد مراقبة التصاريح بأجور العمال المحتسبة في حسابات الشركات المذكورة، إلى صندوق الضمان الاجتماعي. وذلك للوقوف على النقص في التصاريح المرفوعة للصندوق من طرف هذه الشركات.
فإن كان هناك نقص أو خلل في هذه التصاريح؛ أقوم وحسب القانون بتوظيف خطايا تأخير على هذه الشركات المخلة بالواجب. وفي المقابل أتقاضى منحة على المبلغ الذى جلبته للصندوق، إلى جانب الراتب العادي.
مع ملاحظة أن هذه التصاريح المقدمة من طرف الشركات، هي التي تكون قاعدة احتساب أجر المعاش للأجير (التقاعد).
كما أن الصندوق يقوم بتقديم قروض إلى المنخرطين به، بفائدة أضعف من البنوك. إضافة إلى العديد من الخدمات الاجتماعية التي يقدمها للأجراء.
بعد عمل عدة سنوات، قمت بشراء منزل بما حصلت عليه من راتبي بدون أن ألجأ إلى القروض، كما أنني تعاونت مع زوجي على بناء البيت الذى أسكنه الآن.
ولكني وبعد مدة لا تقل عن عشرين عاما، استقلت من عملي طاعة لله، بعد ما علمت أن هذا العمل تشوبه الكثير من المحرمات.
عند تخرجي من الجامعة، فضّلت العمل بهذا الصندوق، عوض العمل بالبنوك؛ لأتجنب أموال الربا. مع العلم أني ولتقصير مني، كنت أسمع بين زملائي أن الصندوق يتعامل بالربا، ولكن لم أعط لذلك اهتماما ولم أستقل فورا.
بعد مدة عدت لأبحث في الأمر، وعند تحققي من حرمة عملي استقلت منه.
وسؤالي هو: هل يجب عليّ الآن (بعد التوبة) أن أتخلص من ممتلكاتي التي اشتريتها في السابق من راتبي؟ هل يجب عليّ بيع هذا البيت الذي أقوم بكرائه، والبيت الذي أسكنه مع عائلتي، والذي أقوم بتأجير جزء منه لمجابهة مصاعب الحياة؟ أم أن التوبة تجبّ ما قبلها؟
جزاكم الله خيرا على الإجابة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت لم تعلم باشتمال هذا العمل على المحرمات حتى بحثت وتحققت من ذلك؛ ثم تركت العمل فور علمك بذلك، وتبت إلى الله تعالى؛ ففي هذه الحال ليس عليك شيء فيما كسبته من عملك قبل ذلك.
أمّا إذا كنت سمعت باشتمال العمل على محرمات، ووقع منك هذا الكلام موقعاً بحيث غلب على ظنك صحته، ثم تساهلت وبقيت في عملك بعد ذلك؛ فالظاهر لنا -والله أعلم- في هذه الحال، أنّ عليك التخلص من الأموال التي كسبتها مقابل عملك في الأمور المحرمة كالعقود الربوية وبقيت معك، وذلك بصرف هذه الأموال في المصالح العامة، وأبواب الخير.
جاء في فتاوى نور على الدرب لابن باز -رحمه الله-: فإذا كان حين جاءته موعظة حين علم التحريم، تاب إلى الله، فله ما سلف، ولا يرد المعاملات السابقة.

أما إذا كان قد علم ولكن تساهل، واستمر فإن ما دخل عليه من الربا لا يجوز له، بل يجب عليه أن يصرفه في وجوه البر والخير؛ بالصدقة على الفقراء والمساكين والمشاريع الخيرية، ولا يبقيه لنفسه. انتهى.
لكن إذا كنت محتاجاً للمال، وليس عندك ما يكفيك لنفقتك بخلاف هذه الأموال؛ فلك أن تنفق منها على نفسك بقدر الحاجة، وراجع الفتوى: 96005.
وعلى أية حال، فلا يجب عليك التخلص من البيت أو الأشياء التي اشتريتها بالمال المكتسب من عملك المذكور، كما بينا ذلك في الفتوى: 354928.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني