الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عمل مشروع خيري تكفيرا عن الانتفاع بالمال الحرام

السؤال

إذا كنا أنا وزوجي استهلكنا رواتب أثر عمل فيه بعض الشبهات ولم يبق لنا شيء منه فكيف السبيل إلى تطهير أموالنا السالفة إذا لم يكن لنا مال ندفعه لمصالح المسلمين، فهل يكفي للتوبة إقامة مشروع خيري بمجهودي وليس بمالي لأن راتب زوجي يكاد يكفينا للعيش، فكنت أريد أن أنشئ موقعا لتعليم اللغة العربية كنت في الأول أريد أن يكون مشروعا تجاريا، ولكني فكرت في أن أجعله خيريا، فهل يكون مجهودي سببا في تطهير أموالنا السابقة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت الأخت السائلة وزوجها عملا عملاً محرماً كالعمل في البنوك الربوية ونحو ذلك من الأعمال المحرمة، واكتسبا من وراء ذلك مالاً ثم تابا إلى الله تعالى، فما أنفقاه من تلك الأموال لا شيء عليهما فيه، وإن كان بقي منها شيء في أيديهما فيلزمهما التخلص منه بإنفاقه في وجوه الخير إلا أن يكونا محتاجين إليه فيأخذان منه بقدر حاجتهما ويتخلصان من الباقي.

يقول ابن القيم رحمه الله: ... إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض العوض كالزانية والمغني وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم ثم تاب والعوض بيده فقالت طائفة يرده إلى مالكه.. وقالت طائفة بل توبته بالتصدق به ولا يدفعه إلى من أخذه منه وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أصوب القولين. انتهى.

فإذا تقرر هذا فإن الأخت السائلة غير ملزمة بإنشاء مشروع خيري تكفر به اكتسابها للمال الحرام، لأنها غير مطالبة به أصلاً، فالحكم الشرعي في حالتها هو ما تقدم بيانه، وإذا أرادت أن تتطوع بإقامة عمل خيري فلا مانع، وتؤجر عليه إن شاء الله، ويكفر به عن ذنوبها؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات، كما قال الله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني