الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاتفاق مع المسؤول على زيادة الراتب ثم مماطلته بها

السؤال

اتفقت مع المدير العام على زيادة راتبي، على أن تكون الزيادة غير مذكورة في العقد؛ حتى لا يؤثر ذلك على باقي الزملاء، وتم الالتزام من قبل المدير فترة، حيث كنت أحصل على فرق الراتب كل 3 أو 4 شهور مجمعة، ويتم الحصول عليها منه مباشرة، أو في صورة مكافأة؛ وذلك حتى لا يعلم بها أحد من زملائي على حد قوله، إلى أن بدأ في المماطلة بصرف فرق الراتب غير المذكور في العقد حتى تجمع مبلغ كبير يفوق راتبي كاملًا عن 4 أشهر؛ وذلك لعدم حصولي على فرق الراتب لمدة عامين تقريبًا، رغم مطالبتي للمدير بصرفه كاملًا، أو على أجزاء، وفي كل مرة يعتذر، ويتملص؛ بحجة عدم وجود سيولة بالشركة، أو عدم وجود مشروعات، أو وجود الكثير من الالتزامات تجاه الموردين، أو أي سبب آخر، رغم حصول الشركة على دفعات نقدية من المشروعات التي تعمل بها الشركة، ورغم تأكيده على أحقيتي في فرق الراتب، فقد طلب مني أن أقدّم له طلب سلفة بأقل من نصف المبلغ المستحق لديه، على أن يقوم بإسقاط هذه السلفة لاحقًا، وبعد علمي بقيامه بصرف مكافأة لأحد الزملاء أكثر من مرة، ومواجهته، قال: إنني أسعى ألا يعلم أحد بشيء عن الآخر؛ حتى لا تتأثر النفوس، وتمسّك بعدم صرف فرق الراتب المستحق إلا تحت بند سلفة، في ظلم بيّن لي من طرفه. وحيث إن فرق الراتب غير مثبت في أية أوراق، فلا أستطيع أن أسلك الإجراءات القانونية للحصول على المبلغ المستحق؛ مما زاد من إحساسي بالظلم، فأخبرني أحد الزملاء أن أحاول أن أحصل على حقّي، أو جزء منه بالحيلة؛ من خلال عمولات المناقصات، والتي يقوم هو نفسه بإرسائها على الشركات، أو الحصول على إثبات يؤهّلني للحصول على حقّي بالطرق القانونية، وهذا شبه مستحيل.
أفيدوني -جزاكم الله خيرا- في هذا الأمر؛ فأنا أشعر بظلم عظيم، وهذه الأموال التي لم أحصل عليها أثّرت على إجازاتي والتزاماتي تجاه أسرتي، كما أطلب من فضيلتكم نصحي: هل لا بدّ أن أكون صاحب حيلة ودهاء حتى أستطيع التعايش مع مثل هؤلاء، أم أتعامل بما أمر الله به، وبالثقة، وحسن الخلق الذي يجعلني غير قادر على التكاسل في عملي، أو عدم الوفاء وتقديم العون فيما هو مسند لي من عمل، أو طلب مساعدة في العمل، مما يجعل مني إنسانًا ضعيًفا لا يقوى على الحصول على حقّه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالكلام عن استحقاقك لتلك الزيادة هو فرع عن معرفة طبيعة الاتفاق بينك وبين المدير.

فإن كان الاتفاق تعاقدًا بينك وبين جهة العمل، على أن أجرة عملك متضمنة لتلك الزيادة؛ فأنت مستحق لها، بلا إشكال، ومن البدهي أن العقد لا يشترط فيه شرعًا أن يكون مكتوبًا.

وأما إن كان الاتفاق المذكور مجرد وعد بإعطائك تلك الزيادة، وأنها من قبيل المكافآت الإضافية التي تصرف حسب رأي المسؤول، ووضع الشركة، فالشركة غير ملزمة بها؛ لأن الوفاء بالوعد مستحب، وغير ملزم، إلا إن ترتب على الوعد زيادة في العمل غير ملزمة لك بأصل العقد؛ فحينئذ فقط تستحق تلك الزيادة.

وحيث كنت مستحقًّا لتلك الزيادات، ومنعتك جهة العمل منها، ولم تستطع الوصول إلى حقك الثابت شرعًا، إلا بالحيلة، فلك أن تأخذها بالحيلة، في رأي بعض العلماء، وهي ما يعرف عندهم بمسألة الظفر. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 354901.

ومن كيد الشيطان أن يقبّح لك صورة مراقبة الله في العمل، ويوهمك أنها سبب لضعف الإنسان، وتسلط الناس عليه، وبخسه حقّه!

واعلم أن التقوى لا تنافي أن يسعى الإنسان بالوسائل المشروعة لتحصيل حقّه، ودفع الظلم عنه. وحسبك في التقوى، وحسن عاقبتها قوله سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني