الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب الأبناء تجاه أبيهم الذي يسمع كلام زوجته فيهم

السؤال

أبي تزوج من امرأة ثانية، بعد أن أنجب من أمّي أربعة أبناء، وثلاث بنات، وبعد أن عرفت أمّي بالموضوع هجرتنا، وقالت: لا أولاد لديّ، ولا أريد أن أقوم بهذه البنت المريضة.
زوجة أبي تسعى دائمًا إلى نشر الفساد بيننا وبين أبينا، وتفتعل المشاكل كل ما سنحت لها الفرصة، ولديّ أخت مريضة جسديًّا تهزأ بها، وتضربها، ويضربها أبي بسببها، وأخ صغير تحاول أن تفتعل مشكلة ليضربه أبي، وهو يصدّقها في كل ما تقول حتى لو كذبت.
وأنا الآن متزوج -والحمد لله-، وبقي في البيت مع أبي: أخت في عمر 21، وأخ آخر عمره 26 سنة يعمل، وأخت مريضة، وأخ صغير في الصف 8، ويعيشون المرارة منها، ومن ظلم أبي المستمر بسببها.
ويحاول أبي التخلص من باقي إخوتي بأي وسيلة؛ حتى تسيطر على البيت وحدها، ونحاول أن نفهم أبي أنها هي من تفتعل المشاكل، ولكنه يأبى أن يصدق.
أما بالنسبة إلى أمّي التي تركتنا، وقالت: لا أولاد لديّ، فقد سافرت إلى أمريكا؛ لتعيش حياتها، وشاء الرحمن أن تصاب بجلطة دماغية لتصاب بشلل، وهي هناك.
وحالتنا المادية ميسورة، فقمنا أنا وإخوتي المتزوجون بتجميع مبلغ من المال، وذهبت أخواتي إليها؛ لإعانتها.
وأبي ميسور الحال، فهو تاجر، ويملك المال الوفير، ولم نطلب منه شيئًا، ولا نريد أن نطلب منه شيئًا حتى لا يمنّ علينا، كما يمنّ علينا منذ صغرنا، وكان يأبى أن ينفق علينا؛ بحجة أننا أولاد المرأة الأولى، ولا توجد فرض للنفقة عليكم (أقصد هنا الولد الصغير، والبنت المريضة، والبنت ذات 21 سنة وهم غير متزوجين)، وأنا موظف بسيط أعيش في بيت إيجار مع زوجتي وابنتي، وأصل إخوتي، وأطمئنّ عليهم دائمًا، فحكم برّ الأم والأب؟ وكيف نتصرف مع زوجة الأب التي لا ترتدع، وأبي يصدقها ويظلمنا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فبر الوالدين واجب على كل حال، لا يسقطه عن الأولاد إساءة أي من الوالدين، أو تفريطه في حقهما، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 370030.

ومن أعظم ما تبرون به والديكم الدعاء لهما، وخاصة أباكم، فادعوا له أن يرزقه الله عز وجل الرشد، والصواب.

وابذلوا له النصح بالرفق، والحسنى فيما يفعل من تصرفات سيئة، وبينوا له أن عليه التبين فيما قد يسمع عنكم من اتهامات تنسب إليكم، وذكّروه بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}.

وإذا خشيتم أن لا يقبل نصحكم، فاستعينوا عليه بمن ترجون أن يقبل قوله.

وإن كانت زوجة أبيكم تسعى للوقيعة والفتنة بينكم وبينه، وتؤذي إخوتك، وتحرّض أباك ضدهم؛ ليضربهم، ويؤذيهم، فقد أساءت إساءة عظيمة، واعتدت، وظلمت، فيجب نصحها، وتذكيرها بالله عز وجل؛ لتتوب إلى ربها، وتكف عن سوء صنيعها.

ومن ليس له مال من إخوتك هؤلاء؛ فنفقته واجبة على أبيكم، فلا يجوز له التفريط فيها، وإلا كان آثمًا، روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت.

وقد أحسنتم بالتواصل مع أمّكم، وزيارتها، ومساعدتكم لها؛ فهذا من البر الذي نرجو أن تجدوا ذخره يوم القيامة.

ونوصيكم بالدعاء لها بالشفاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني