الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم امتناع الزوجة من الإنفاق على البيت من مالها

السؤال

أنا متزوجة منذ 11 عاما، وعندي 3 ذكور أعمارهم: 10 و7، وسنة ونصف. أحب زوجي، ولكن أكره فيه أنانيته: فهو يفضل نفسه على أولاده، من الممكن أن يحرم أحد أولاده من الحلوى ليشتري لنفسه السجائر، وكيس البن.
هو يعمل في شركة، ولكن الراتب لا يكفي، فيأخذ من أمه وأبيه؛ لنكمل الشهر. أكل وشرب وسجائر وقهوة. ويعلم الله بحالنا.
منذ أسبوع بدأت في منزلي بمشروع تنظيف الخضروات، اقترضت مبلغا بسيطا من أخي، والحمد لله، فقد رزقني الله بطلبات، فأنا لا أنام وأتعب أيضا مع أولادي وبيتي. ولكنه يريد هو وأمه أن أصرف على البيت معه، وأنا لا أرى ذلك، بل أريد أن يعمل عملا آخر، ويسعى لكسب الرزق. وأموال عملي تكون لأولادي، أريد أن أعوضهم ليحفظوا القرآن، ويتعلموا رياضة ولغة. وأشتري لنفسي ما أريد، وهو لا يستطيع أن يفعل ذلك، فأنا أكمل ما ينقص منه، ولكن بإرادتي وليس طعاما وشرابا، فهو وحيد أمه وتدليلها له ما جعله هكذا.
أدعو له في كل صلاة، فهو غير منتظم في الصلاة، ولا يسعى. يقول البلد لا يوجد بها عمل، وأقول له: الله قادر على أن يرزقنا، اسع فقط.
تعبت منه، فقد كنت أحرم نفسي وأجوع ليأكل أولادي، وهو يأكل الحلويات في عمله، ويأتي ليحكي لأولاده دون حياء.
كنت في بيت أبي أعيش حياة كريمة، وكنا ميسوري الحال جدا، ولكني تحملت مع زوجي، ولم أشتك؛ لأني أخاف الله وأحبه، وأريد رضاه، وعلاقتي به جميلة.
هل علي إثم إن قلت لن أصرف في البيت على الطعام والشراب والقهوة والسجائر، وهذه الأموال لأولادي؛ لأعوضهم، ويعتبروني لا أعمل، فهو أسبوع من العمل فقط. وحدث هذا مع العلم أن حماتي خالتي، ولكنها لا تعنف ابنها مهما حدث. تعبت، تعبت، وأدعو الله أن يعوضني خيرا، فأنا أحبه، وأريد رضاه.
أفتوني أعلي إثم؟ فأنا أريد أن أتحدث معهم من البداية لأرتاح بعد ذلك.
وشكرا لكم، وآسفة على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف، ولا يجب على الزوجة أن تنفق على نفسها أو أولادها شيئا من مالها، إلا أن تتبرع بذلك بطيب نفس.
لكن إذا اشترط الزوج على زوجته ليأذن لها بالخروج إلى العمل أن تعطيه قدراً من راتبها، فالمفتى به عندنا صحة هذا الشرط، فيلزمها الوفاء به، كما بينا ذلك في الفتوى: 392095
أمّا إذا كان عمل الزوجة في بيتها ولا يمنعها من القيام بحقوق زوجها؛ فليس له منعها منه.

جاء في المدونة: قلت: أرأيت امرأة رجل أرادت أن تتجر، ألزوجها أن يمنعها من ذلك؟ قال مالك: ليس له أن يمنعها من التجارة، ولكن له أن يمنعها من الخروج . اهـ.
وعليه؛ فلا حرج عليك في الامتناع من الإنفاق على البيت من مالك، وعلى كل حال، فلا يجوز لك أن تعطي زوجك مالاً ليشتري به السجائر.

وعليه أن يتوب إلى الله، ويحافظ على الصلاة في أوقاتها، ويترك التدخين، ويسعى للكسب الحلال لينفق على أهله.

فبيني ذلك لزوجك، وذكريه بعظم مكانة الصلاة في الإسلام وخطر التهاون فيها، وراجعي الفتوى: 3830
وبيني له تحريم التدخين وأضراره، وراجعي الفتوى: 20739، والفتوى: 129949
واعلمي أنّ المحافظة على الصلاة والاعتناء بها مفتاح كل خير، وهي من أفضل العون على إصلاح النفس والتغلب على الشدائد، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ. {البقرة:45}
قال السعدي -رحمه الله-: فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله، بالصبر عليه معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبر يصبره الله، وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، يستعان بها على كل أمر من الأمور. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني