الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخالطة المرأة ومساكنتها للأجانب لخدمة جدتها المريضة

السؤال

أنا خاطب فتاة ملتزمة منتقبة، وعلى خلق عالٍ، وأثق بها تمامًا، وحدث أن مرضت جدّتها، وطلبت جدتها من أهلها ومنها أن تأتي لتجلس معها، مع العلم أن جدّتها في محافظة أخرى، فسافرت خطيبتي لجدّها وجدتها لتمكث عندهم بمفردها مدة شهرين، وما زالت هناك.
وما يحدث أن جدّها وجدتها غالبًا ما يكونون ملازمين للفراش، ويأتيهم كثيرًا ضيوف من الأقارب من غير المحارم، وأحيانًا كثيرة يبيتون في نفس الشقة، وابن خالتها -على وجه الخصوص- يبيت يومين أو ثلاثة في الأسبوع لظروف العمل؛ فيبيت الضيف في غرفة، والجد والجدة في غرفة، وخطيبتي في غرفة أخرى، مع اتحاد المرافق للجميع، فهل يعدّ الجد محرمًا في حال نومه؟ وهل يبرر وجوده مبيت غير المحارم؟ وأثناء ملازمة جدّها للفراش هل يجوز لخطيبتي الاختلاط بغير المحارم، وتقديم الطعام، والظهور، والتحدث إليهم، بعيدًا عن الغرفة التي يوجد بها جدّها؟ مع العلم أنها تكون مرتدية للنقاب.
وما أخشى منه هو تسلل الفساد إلى القلوب، أو أن تتكشف خطيبتي لغريب لأي سبب كان، وقد يكون طارئًا لنداء استغاثة من جدّها، أو جدتها بالليل، أو لحاجة غير اعتيادية لاستخدام المرافق. جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فبالنسبة لسفر خطيبتك لجدّها وجدّتها في محافظة أخرى، فالأصل أنّ سفر المرأة بغير محرم لا يجوز، كما بينّاه في الفتوى: 6219.

ولكن إن لم يتيسر ذلك لها، وكانت جدّتها مريضة، وفي حاجة ملحّة إليها، فلا مانع من ذلك؛ بشرط أن تكون في رفقة مأمونة، مع المحافظة على حدود الشرع وآدابه، وانظر الفتوى: 60865.

لكن مخالطتها ومساكنتها للأجانب في سكن واحد متحد المرافق، وتقديم الطعام لهم بنفسها.

والظهور والتحدث إليهم حتى مع وجود الجدّ الذي هو من المحارم طبعًا - سواء كان نائمًا أم مستيقظًا-، كل ذلك لا يجوز لها شرعًا، فالأجنبي -من الأقارب، أو من غيرهم-، إنما يباح له أن يسكن في منزل واحد مع المرأة الأجنبية إذا انفرد كل منهما بجميع المرافق، ولم يشتركا في شيء منها، قال ابن حجر الهيتمي: فإذا سكنت المرأة مع أجنبي في حجرتين، أو في علو وسفل... اشترط أن لا يتحدا في مرفق، كمطبخ، أو خلاء، أو بئر، أو ممر، أو سطح، أو مصعد، فإن اتحدا في واحد مما ذكر، حرمت المساكنة؛ لأنها حينئذ مظنة الخلوة المحرمة، وكذا إن اختلفا في الكل، ولم يغلق بينهما باب... اهـ.

ومن هذا؛ تتبين أن المساكنة بين خطيبتك وضيوف جدها وجدتها على الوجه الذي ذكرت، لا يجوز.

واعلم أنّ الخاطب قبل أن يعقد على مخطوبته، أجنبي عنها، شأنه شأن الرجال الأجانب، فليس له أن يتكلم معها دون حاجة، وقد سبق أن بينا حدود تعامل الخاطب مع مخطوبته في الفتوى: 15127، وما أحيل عليه فيها من فتاوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني