الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة قصة بكاء يعقوب وتضرعه وقول الله له: "لو كان يوسف ميتًا لأحييته لك"

السؤال

ما صحة قصة بكاء نبي الله يعقوب أربعين سنة: (بقيَ يعقوب أربعين سنة يبكي، وهو رجل أعمى، سجد في ليلة من الليالي وهو يبكي، وهو يقول في السجود: يا رب، أما ترحم ضعفي؟ أما ترحم شيبتي؟ أما ترحم كبر سني؟ أما ترحم ذلتي؟ أما ترحم فقري؟ فأوحى الله له في ليلة وهو نبي مكلم، قال: يا يعقوب، وعزتي، وجلالي، وارتفاعي على خلقِي، لو كان يوسف ميتًا لأحييته لك، فجاءته البشرى في اليوم الثاني).

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالقصة بهذا اللفظ المذكور لم نطلع عليها في شيء من كتب السنة ودواوينها، ولا في كتب الرقائق، ولا كتب التفسير، وقد جاءت بلفظ قريب مما ذكره السائل، ولكن في حديث ضعيف منكر، فقد روى الحاكم في المستدرك عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ لِيَعْقُوبَ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَخٌ مُؤَاخِيًا فِي اللَّهِ، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا يَعْقُوبُ، مَا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرَكَ؟ وَمَا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرَكَ؟ فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرِي، فَالْبُكَاءُ عَلَى يُوسُفَ، وَأَمَّا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرِي، فَالْحُزْنُ عَلَى ابْنِي بِنْيَامِينَ، قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: أَمَا تَسْتَحْيِي تَشْكُونِي إِلَى غَيْرِي؟ قَالَ: فَقَالَ يَعْقُوبُ: إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ، قَالَ: فَقَالَ جِبْرِيلُ: أَعْلَمُ مَا تَشْكُو يَا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ يَعْقُوبُ: أَيْ رَبِّ، أَمَا تَرْحَمُ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ، أَذْهَبْتَ بَصَرِي، وَقَوَّسْتَ ظَهْرِي، فَارْدُدْ عَلَيَّ رَيْحَانَتِي أَشُمُّهُ شَمًّا قَبْلَ الْمَوْتِ، ثُمَّ اصْنَعْ بِي مَا أَرَدْتَ، قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: أَبْشِرْ، وَلْيَفْرَحْ قَلْبُكَ، فَوَعِزَّتِي، لَوْ كَانَا مَيِّتَيْنِ؛ لَنَشَرْتُهُمَا، فَاصْنَعْ طَعَامًا لِلْمَسَاكِينِ، فَإِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ، وَالْمَسَاكِينُ، أَتَدْرِي لِمَ أَذْهَبْتُ بَصَرَكَ، وَقَوَّسْتُ ظَهْرَكَ، وَصَنَعَ إِخْوَةُ يُوسُفَ بِهِ مَا صَنَعُوا؟ إِنَّكُمْ ذَبَحْتُمْ شَاةً، فَأَتَاكُمْ مِسْكِينٌ يَتِيمٌ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمْ تُطْعِمُوهُ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ: فَكَانَ يَعْقُوبُ بَعْدَهَا إِذَا أَرَادَ الْغَدَاءَ، أَمَرَ مُنَادِيًا، فَنَادَى: أَلَا مَنْ أَرَادَ الْغَدَاءَ مِنَ الْمَسَاكِينِ، فَلْيَتَغَدَّ مَعَ يَعْقُوبَ، وَإِذَا كَانَ صَائِمًا، أَمَرَ مُنَادِيًا، فَنَادَى: أَلَا مَنْ كَانَ صَائِمًا مِنَ الْمَسَاكِينِ، فَلْيُفْطِرْ مَعَ يَعْقُوبَ. اهــ.

وقد قال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب عن هذا الحديث: منكر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني