الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب صلة الخالة التي أساءت للأمّ؟

السؤال

هناك رجل أعرفه كان بين أمّه وأهلها وإحدى خالاته خصومة قديمة؛ بسبب ما قامت به الخالة من غش، وخداع، ثم انتقلت أمّه لبلد آخر، وولد هو، وهو لا يعرف هذه الخالة مطلقًا، ولم يرها قط، فهل يجب عليه الاتصال بها أم لا يجب عليه ذلك؟ علمًا أنه غير متعمد للهجر، لكنهما في بلدين مختلفين، وهو لا يعرفها، فبماذا أنصحه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالخالة من أولى الأقارب بالصلة، وحقّها عظيم، فقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الخالة بمنزلة الأم. متفق عليه.

فالنصيحة لهذا الرجل أن يصل خالته، وتجب عليه صلتها بالقدر والأسلوب الذي في وسعه، كالاتصال بها، أو مراسلتها بالسلام، ونحوه؛ إذ إنّ الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوبًا معينًا، أو قدرًا محددًا، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف، فتحصل الصلة بالاتصال، والمراسلة، والسلام، والزيارة، وكل ما يعده العرف صلة.

قالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَاجِبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَطِيعَتَهَا مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ.

قَالَ: وَالْأَحَادِيثُ فِي الْبَابِ تَشْهَدُ لِهَذَا، وَلَكِنَّ الصِّلَةَ دَرَجَاتٌ، بَعْضُهَا أَرْفَعُ مِنْ بَعْضٍ، وَأَدْنَاهَا تَرْكُ الْمُهَاجَرَةِ، وَصِلَتُهَا بِالْكَلَامِ، وَلَوْ بِالسَّلَامِ.

وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ القدرة، والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب.

لو وصل بعض الصلة ولم يَصِلْ غَايَتَهَا، لَا يُسَمَّى قَاطِعًا.

وَلَوْ قَصَّرَ عَمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي لَهُ، لَا يُسَمَّى وَاصِلًا. انتهى من المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج لمؤلفه الإمام النووي.

ولا ينبغي أن يمنعه من صلتها ما حصل بينها وبين أمّه في السابق من خلافات؛ حيث إن ذلك لا يسقط حقها، ولا صلتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني