الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشتراط ضمان أخي المضارِب لرأس مال العميل

السؤال

أخبرني زميلي الذي يعيش معي في بلاد الغربة أن أخاه يستثمر الأموال في مصر في بناء محطات البنزين، ويدخل بها مناقصات ويربح، فأعطيته مبلغًا من المال ليعطيه لأخيه؛ ليستثمره لي، واتفقنا أني سآخذ نسبة 30 في المائة من الربح، وليس من رأس المال -مرابحة شرعية-، واشترطت عليه أن يضمن لي رأس المال، بأن يضمن زميلي أخاه في مصر، والذي يستثمر الأموال؛ ووافق أن يضمن لي رأس المال عند أخيه في مصر، بمعنى أنه لو خسر أخوه المال، فسيعوضني زميلي عنه، وإلا فلا، ووافق على ذلك الشرط، ولم يمرّ أكثر من 3 أشهر من أخذه الأموال مني، حتى توقف المشروع بالفعل، فما كان مني إلا أن طلبت المال من زميلي ليدفعه عن أخيه بصفته الضامن، ووافق على ذلك حسب اتفاقه معي دون أي جدال، ووعدني أنه سيسدده لي بعد مدة اتفقنا عليها، ولكن سرعان ما رجع في كلامه، ورفض أن يدفع لي شيئًا.
السؤال هو: اشترطت على صديقي قبل أن أعطيه المال شرطًا قاطعًا أن يضمن لي المال عند أخيه، وإلا فلن أعطيه، ووافق على ذلك؛ وبناء عليه ضمن لي المبلغ، وأعطيته المبلغ، علمًا أنه لو كان رفض الضمان ما كنت أعطيته المبلغ.
وأنا أطالبه الآن بعد أن توقف المشروع بإعطائي رأس مالي، والذي اشترطت عليه أن يضمنه -مع علمي أنه لا ضمان لرأس المال في المرابحة الشرعية-، لكني لم أتعامل مع المستثمر مباشرة، ولا أعرفه؛ فلذا كان لزامًا عليّ أن أعتمد على صديقي - وهو أخو المستثمر-، ولن أجد أفضل من أخيه ليضمن لي رأس مالي.
والمعاملة كلها شرعية؛ فأرجو الإجابة مباشرة دون أي تأجيل، فأنا لا أتعامل بأي مخالفة شرعية، وكل ما في الأمر أني أريد رأس مالي تحقيقًا للشرط الذي اشترطته عليه قبل إعطاء صديقي المال، وقبل إعطائه لأخيه في مصر، ولأن المؤمنين على شروطهم، ولأن الضامن غارم، ولأني لا أعرف أخاه. جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالظاهر أن ضمان أخي المضارب لرأس مال السائل كان مطلقًا، وليس مختصًّا بحال تقصير، أو خيانة المضارب.

فإن كان كذلك، فلا يصح هذا الشرط، ولا يحل للسائل إلزام صاحبه برد رأس المال، لو كانت الخسارة ليست بسبب تقصير أخيه، أو خيانته؛ لأنه لا يصح اشتراط ضمان رأس المال في عقد المضاربة، ولو كان ذلك على غير المضارب؛ فإن ذلك يخرج بالعقد من القراض إلى القرض. ومن ثم؛ فأخذ نسبة من الربح تكون من الربا، وراجع في ذلك الفتويين: 35955، 78811.

وأما كون المسلمين عند شروطهم، فهذا فيما يجوز من الشروط، وإلا فلو اشترط -مثلًا- المقرض على المقترض رد رأس المال بزيادة، فلا خلاف في حرمة الشرط، وحرمة تطبيقه، وحسبنا في ذلك قول النبي الله صلى الله عليه وسلم: ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله! ما كان من شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل، وإن كان مائة شرط. رواه البخاري، ومسلم.

وأما كون الضامن أو الزعيم غارمًا، فهذا في الديون والحقوق المشروعة، لا في المكاسب المحرمة، فلو لزم المضارب شرعًا أن يؤدي شيئًا، أو حقًّا عليه، كما لو كانت الخسارة بسبب خيانته، أو تقصيره؛ فحينئذ يلزم ضامنه أن يؤدي ما وجب عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني