الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من علمت من زوجها النظر للحرام

السؤال

أنا عندي 24 سنة، متزوجة من سنتين ونصف، وحامل في الشهر الخامس من الحمل، زوجي مغترب، وأول سنتين من الزواج لم يكن قادرا على استقدامي، لكني معه حاليا من ستة شهور تقريبا، وظروفنا المادية صعبة، ولم يكن يصرف عليَّ قبل ما أسافر إليه، وكنت أقول المهم أنه إنسان محترم، لكن وحسب كلامه فالظروف المالية ما زالت صعبة، وحتى مصاريف الولادة قال إنه لن يقدر أن يدفعها، ولن يستطيع أن يعمل حفلة في اليوم السابع للمولود، وإذا أردت أنا ذلك فالتكاليف عليَّ، مع العلم أنا كنت أشتغل قبل السفر، ولما سافرت أشتغل أيضا، وكنت أقول لا حرج في أن أساعد زوجي.
للأسف بعد ما جئت بفترة اكتشفت أنه يتفرج على مناظر إباحية، ويقوم بالبحث عنها باستمرار، وكلمات البحث فيها أشياء عن الشواذ أو الدياثة، بعدها عرفت أنه منزل برنامجا فيه بنات تطلع في بث حي مباشر ترقص، وتعمل حركات بملابس بيت أو ملابس شبه عارية، والذي يريد أن يرى أكثر يدفع فلوسا، وللأسف وجدته دافعا، وتكلمت معه لكنه أنكر أنه دفع، وقال هذا ذنب صغير، وعادي، كل الناس تعمل هكذا، وأنه ليس على علاقة بواحدة معينة، لكنه يتفرج فقط. وسألته لو أنا قصرت معه، أو توجد أية مشكلة من ناحيتي، قال أبدا، وأنه ليس لي علاقة بالموضوع، وأنه مجرد فضول، وأنا فعلا في العلاقة أنفذ له كل طلباته، حتى أرضيه، ولا أكون مقصرة، حتى لو على حساب نفسي، حتى لو أمر ما لا أحبه أعمله، وأتظاهر أنه يعجبني، وحتى بعد الحمل العلاقة بيننا مستمرة، ولم أقطعها؛ رغم تحذير الناس لي، حتى لا أكون مقصرة معه.
المهم بعد ما تكلمنا اتفقنا أن يرجع إلى أن يحفظ قرآنا في المسجد، وننتظم في الصلاة، وبقيت أشغل قرآنا في البيت دائما، وتركت البحث وراءه، وأصبحت أدعو ربنا أن يهديه، لكن بعد أسبوعين قلت أدخل أرى الأخبار، فوجدته نزل برنامجا ليبحث عما يريده، وهذا البرنامج بفلوس، ووجدت عنده فيسبوك باسم آخر، لا أدري كيف أتصرف، وندمت على أنني حملت، خصوصا مع وجود مشاكل كثيرة بيننا قبل ما آتي لأعيش معه، وأهلي كانوا يتحاملون عليَّ، ويغلطونني، ويجعلونني أعتذر له، حتى لا يخربوا البيت. أنا الآن في حالة اكتئاب، مع ضغط الحمل عليَّ. ماذا أعمل؟ أرجوكم أفتوني، أنا منهارة في الغربة وحدي، وما عندي أحد أتكلم معه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرًا على حسن تبعلك لزوجك، وحرصك على صلاحه وإعانته على التوبة والاستقامة على طاعة الله تعالى.
ونصيحتنا لك أن تعاودي النصح لزوجك برفق وحكمة، وتبيني له أنّ جرأته على المعصية واستخفافه بها خطر عظيم.

جاء في الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم -رحمه الله-: وقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: لَا تَنْظُرْ إِلَى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى مَنْ عَصَيْتَ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: بِقَدْرِ مَا يَصْغَرُ الذَّنْبُ عِنْدَكَ يَعْظُمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَبِقَدْرِ مَا يَعْظُمُ عِنْدَكَ يَصْغَرُ عِنْدَ اللَّهِ. وفيه : وَفِي الْحِلْيَةِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا صَاحِبَ الذَّنْبِ لَا تَأْمَنْ سُوءَ عَاقِبَتِهِ، وَلَمَا يَتْبَعُ الذَّنْبَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ إِذَا عَمِلْتَهُ، قِلَّةُ حَيَائِكَ مِمَّنْ عَلَى الْيَمِينِ وَعَلَى الشِّمَالِ - وَأَنْتَ عَلَى الذَّنْبِ - أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ، وَضَحِكُكَ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ بِكَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ. انتهى.
واصبري، ولا تيأسي، واستعيني بالله تعالى، وأكثري من دعائه بإلحاح، ولا تتعجلي النتيجة، وأحسني ظنّك بربّك، وأكثري من ذكره، فإنّ في الذكر راحة القلب وشفاءه.
فإن تاب زوجك، وعاشرك بالمعروف، فاشكري الله، وعاشري زوجك بمعروف، وأمّا إذا تمادى في المعصية، وقصّر في حقوقك، فينبغي أن توازني بين بقائك معه على تلك الحال، وبين مفارقته بطلاق أو خلع، وتختاري ما فيه أخفّ الضررين.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني