الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام ابتلاع المصلي والصائم حموضة المعدة

السؤال

هل تجدون لي رخصة في الصلاة والصيام؟ حيث أشكو من حموضة المعدة وحرقتها؛ مما يسبب لي ارتجاع المريء، ويسبب هذا وصول الطعم الحامض القوي إلى الحلق والفم (ويكون الطعم قويا) بسبب وصول عصارة المعدة إلى تلك الأماكن.
فهل يجوز لي بلعها في الصلاة والصيام؟
وسبب قولي هذا لأن هذا يسبب مشقة لدي، حيث إني أشعر بهذا الطعم القوي لفترات طويلة في بعض الأحيان.
فهل يعتبر هذا قيئا أو قلسا بحيث لا يجوز لي بلعه؟ وإن قلنا بنجاسته، فهو بالطبع كثير؛ لأن الطعم يغطي جزءا كبيرا من الحلق والفم.
وأرجوكم اقرؤوا هذه الحادثة. كنت مرة في المسجد وأحسست بهذا الطعم الحامض القوي، فلفظته في شماغي، وحين السجود وقع قليل من اللعاب المختلط بالطعم الحامض على سجاد المسجد، بسبب ملامسته للشماغ فلم أزله، وللأسف لا أذكر مكانه بالضبط. فهل أنا آثم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فابتلاع الحموضة بعد إمكان طرحها - دون غلبة- أثناء الصيام يبطله، ويترتب عليه وجوب القضاء عند الحنابلة والشافعية، إذا كان قد وصل إلى الظاهر -وهو الفم- عند الحنابلة، وما بعد مخرج الحاء إلى جهة الفم عند الشافعية، مع القدرة على طرحه؛ كما تقدم تفصيله فى الفتوى: 43512.

وابتلاعها أثناء الصلاة مع القدرة على طرحها، كذلك مبطل للصلاة، وموجب لقضائها عند بعض أهل العلم؛ كالمالكية والشافعية. وراجع الفتوى: 74504.

وما كان من تلك الحموضة لا يمكن طرحه، أو أمكن طرحه لكنه رجع غلبة أو سهوا، لا يبطل الصيام ولا الصلاة.

جاء في الموسوعة الفقهية: عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ طَاهِرٌ يَسِيرٌ لَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا، لَمْ تَبْطُل صَلاَتُهُ، فَإِنْ كَانَ نَجِسًا, أَوْ كَثِيرًا, أَوِ ازْدَرَدَ شَيْئًا مِنْهُ عَمْدًا, بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَإِنِ ازْدَرَدَ شَيْئًا مِنْهُ نِسْيَانًا, لَمْ تَبْطُل, وَيَسْجُدُ لِلنِّسْيَانِ بَعْدَ السَّلاَمِ، وَإِنْ غَلَبَهُ, فَفِيهِ قَوْلاَنِ ...

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ كَانَ الْقَيْءُ فَاحِشًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ, وَعَلَيْهِ الإْعَادَةُ، وَاخْتَلَفَ الرِّوَايَةُ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي يَسِيرِهِ، فَرُوِيَ أَنَّهُ قَال: هُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ؛ وَذَلِكَ لأِنَّهُ خَارِجٌ مِنَ الإْنْسَانِ نَجِسٌ مِنْ غَيْرِ السَّبِيل, فَأَشْبَهَ الدَّمَ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ لاَ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لأِنَّ الأْصْل أَنْ لاَ يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنَ النَّجَاسَةِ .. اهـ.

وما دامت هذه الحموضة تأتيك باستمرار، فاجتهد في التحرز من ابتلاعها أثناء الصلاة أو الصوم، ولا تكلف أكثر من طاقتك في ذلك، وراجع الفتوى: 56659.

ويلزم المسلم أن يحافظ على نظافة بيوت الله تعالى. فإن وقع منه فيها أذى، بادر إلى إزالته وتنظيف آثاره، ويمكن ذلك باصطحاب مناديل في الجيب يمتخط فيها ما يعرض له من بلغم ونحوه، على أن يردها إلى جيبه حتى لا تلوث تلك المناديل المستعملة فراش المسجد.

وراجع الفتويين: 243406، 44960.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني