الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وصية الأم لابنها بأن يكتب نصف ثمن شقته -الذي وهبته إياه- لله

السؤال

ساعدتني أمي بنصف ثمن الشقة على أنه دين، ثم قالت لي بعد خطوبة أختي: هذه هبة، وسأساعد أختك بالمثل. وبعد فسخ الخطوبة بمدة قالت لي: اكتب وصية بأن نصف الشقة يخرج لله؛ حتى لا يرث إخوتي من أبي حيث إن أمي مطلقة، وتكره أبي وكل عائلته.
نصحتها كثيرا بأن الغيب في علم الله، وأن لا أحد يدري من سيموت قبل من، ولكنها مصرة على رأيها. وقالت لي أنا المسؤولة أمام الله، وأريدك أن تتمتع أنت فقط وأولادك بالميراث. أما في حالة لم يرزقك الله بأولاد، فيجب أن تخرج نصف ثمن الشقة لله.
السؤال: هل هذه الوصية حرام؟ وما التصرف السليم حيث إن الشقة أخذت مني مجهودا كبيرا، ولا أريد بيعها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دامت أمّك قد أسقطت دينها الذي كان عليك؛ فقد سقط، والشقة ملك لك ليس لأمّك فيها شيء.

جاء في الموسوعة الفقهية: من المعلوم أن الساقط ينتهي ويتلاشى, ويصبح كالمعدوم لا سبيل إلى إعادته إلا بسبب جديد يصير مثله لا عينه. فإذا أبرأ الدائن المدين فقد سقط الدين, فلا يكون هناك دين, إلا إذا وجد سبب جديد. اهـ.

وفي شرح مجلة الحكام: المادة: 51 ـ الساقط لا يعود.

يعني إذا أسقط شخص حقا من الحقوق التي يجوز له إسقاطها، يسقط ذلك الحق، وبعد إسقاطه لا يعود...

مثال: لو كان لشخص على آخر دين فأسقطه عن المدين, ثم بدا له رأي فندم على إسقاطه الدين عن ذلك الرجل, فلأنه أسقط الدين, وهو من الحقوق التي يحق له أن يسقطها, فلا يجوز له أن يرجع إلى المدين ويطالبه بالدين؛ لأن ذمته برئت من الدين بإسقاط الدائن حقه فيه. انتهى.

وأمّا أمر أمّك لك بالإيصاء بنصف الشقة بعد موتك إذا لم يكن لك أولاد؛ فلا تجب عليك طاعتها فيه، والوصية بقصد حرمان بعض الورثة من حقّهم؛ وصية مخالفة للشرع، والوصية المشروعة تكون لغير وارث، بما لا يزيد عن الثلث.
وعليه، فلا تلزمك الوصية التي تأمرك بها أمّك، لكن عليك برّ أمّك والإحسان إليها.

وننصحك باستعمال الرفق والمداراة معها، بحيث لا تغضبها، ولا تتصرف تصرفاً مخالفاً للشرع، أو فيه ضرر عليك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني