الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطيعة البنت للأمّ التي تسببت في طلاقها واستولت على مؤخر صداقها وميراثها

السؤال

أمي عذبتني طوال فترة وجودي معها( لغاية زواجي)، تضربني وتهينني أمام الناس وبيننا. وأنا كنت الوحيدة التي تقوم بكل أعمال المنزل. أقسم بالله أنا كنت أفعل كل شيء من أعمال التنظيف والترتيب، وكل ما يتطلبه بيت كبير، وهي تأخذ أخواتي ويذهبن للتسوق (أحيانا في بلد آخر)، وأنا أعمل كأني خادمة بدون راتب. وعندما تزوجت الرجل الذي فرضته عليَّ بدأت تخرب بيني وبينه، وبيني وبين أهله حتى طلقني، ومنعتني من الذهاب للمحكمة (كنت أطيعها في كل شيء برًّا بها)، واستلمت هي مؤخر الطلاق، ولكنها لم تعطني ذلك المبلغ، وأخذته وسافرت بدون علمي للأردن، واشترت لنفسها شقة. استطعت بفضل الله بعد ذلك أن أسافر مع أطفالي إلى أمريكا(علما أنها كانت تخرب بيني وبين أطفالي). ومنذ عشر سنوات وأنا أطالب بمالي. وعندما توفي أبي سرقت ميراثي منه، وسرقت الأمانات التي كنت قد تركتها عندها.
سؤالي: هل أنا عاقة إذا قطعت علاقتي معها؟ وما حكم الأموال والأمانات التي سرقتها؟ وما حكم تعذيبها لي جسديا ونفسيا؟ عندي آثار على جسمي من أثر تعذيبها لي. أرجو الإجابة، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل المولى تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، وينفّس كربك، وأن يصلح الحال بينك وبين أمّك.

وإننا من عادتنا أن ننبه في مثل قصتك هذه إلى ما هو معلوم من كون الغالب في الأمّ شفقتها على أولادها - وخاصة الإناث منهم -، وحزنها إن أصابكم أي مكروه.

ونستغرب أن يكون تعامل الأم مع ابنتها على الحال التي وصفتها عن أمّك، وندعو إلى التماس السبب، والعمل على معالجته، والحرص على الإصلاح؛ فهو من أجلّ الطاعات، وأعظم القربات، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 117937، والفتوى: 50300.

وعلى كل تقدير؛ فلا يجوز للأمّ أن تعذب ابنتها جسديًّا، أو أن تأخذ شيئًا من مالها ظلمًا، سواء كان هذا المال نصيبًا من الميراث أم غيره.

ومن حق البنت المطالبة بحقّها مع الأدب مع الأمّ، وحسن الطلب.

ويجوز لك مقاضاة أمّك لاسترداد حقوقك المالية، ولكن الأولى الاستعانة بالعقلاء والفضلاء من الناس بدلًا من ذلك، وراجعي الفتوى: 75076.

وأما قطيعة الولد - ذكرًا أم أنثى - للأمّ، فلا تجوز بحال؛ ففي ذلك عقوق للأمّ، وقطيعة للرحم، فمن حق الوالد - أبًا أم أمًّا -أن يبرّ به ولده، ويصله، ويحسن إليه، وإن أساء، وانظري لمزيد الفائدة الفتوى: 397060.

ونوصيك في الختام بكثرة الدعاء، والتضرع لله سبحانه أن يصلح الحال بينك وبين أمّك، فلا غنى لك عن أمّك، ولا غنى لها عنك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني