الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التردد بين إمساك المرأة بعد زناها أكثر من مرة وبين طلاقها

السؤال

زنت زوجتي قبل 18 عامًا، فقد كانت على علاقة برجل، فواجهتها بذلك، وأقرّت، لكنها ندمت على ذلك العمل، وكان لدينا طفلان، وخوفًا من ضياع الأولاد، عفوت عنها؛ بشرط أن تتحجب، فقبلت، وأصبحت متدينة بشكل جميل، وبعدها أصرّت على أن يكون لنا مولود آخر، ورزقنا بنتًا، وبعد ثلاث سنوات أرادت مولودًا آخر، فأصبح لدينا في عام 2008 ثلاث بنات وابن، والبنت الصغرى عمرها الآن 12 عامًا، علمًا أن زوجتي ليس لها أهل -لا أمّ، ولا إخوة، ولا أخوات-، فقد توفوا جميعًا في حادث، وكل ما لديها والد متزوج ومشغول ببيته، فليس لها إلا أنا.
وقبل تسعة أشهر تقريبًا، رمت الحجاب، وتناقشنا كثيرًا حول الموضوع، ولم أستطع أن أقنعها بأن تبقي الحجاب، وشككت فيها، وبعدها اكتشفت أنها على علاقة برجل آخر، تعرفت إليه عن طريق الفيسبوك، وأصرّت على أن تسافر وحدها إلى بلدنا، وزنت مرة أخرى بعد 18 عامًا، فسافرتُ، ولم أستطع البقاء في البيت، وأخبرت أختي وأخي، فقالوا: طلّقها، ولا أدري ماذا أفعل؟ هل أطلقها أم أبقيها؟ مع العلم أنها لا تريد الطلاق، وهذا الشخص كان يريد أن أطلّقها، ولم يكن يريد أن يتزوجها؛ لأن لديه زوجة وأولادًا.
وكانت بالأمس خبيثة الطباع، سيئة الكلام، فقد تغيّر حالها بعد علاقتها بذلك الشخص، ومنذ أن ابتعدت عنها، وهي تحاول أن تقنعني أن أرجع، وأن أعفو عنها، وأعلم أني إن طلقتها سوف تتشرد، وأنا أخاف على سمعة بناتي، مع العلم أننا نعيش في بلاد غربية. أفتوني -يرحمكم الله-، وأخرجوني من هذا الهمّ والغمّ -وفقكم الله-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا تابت زوجتك توبة صحيحة، وظهر لك صدقها في التوبة؛ فلا حرج عليك في إمساكها؛ فإنّ التوبة تمحو ما قبلها.

أمّا إذا لم تظهر توبتها، فلا ينبغي لك إمساكها، والصواب أن تفارقها بطلاق، أو خلع، قال ابن قدامة -رحمه الله- في كتاب المغني عند كلامه على أقسام الطلاق: والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل الصلاة، ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة. قال أحمد: لا ينبغي له إمساكها؛ وذلك لأن فيه نقصًا لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه ... ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب. انتهى.

وليس الطلاق شرًّا في كل الأحوال، بل ربما كان خيرًا للزوجين، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ. {النساء:130}، قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقرّ بها عينه، وللمرأة من يوسّع عليها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني