الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب طاعة الأم بما فيه مشقة على الولد؟

السؤال

أحسن الله إليكم.
والدتي -حفظها الله- أقوم بجميع حقوقها ولله الحمد، من غسل البيت، وشراء النواقص التي فيه من مأكل ومشرب، وقضاء جميع حوائجها.
مع العلم أني طالب في الجامعة، وفي سنوات مصيرية.
الإشكال هو أنها تأمرني بفتح أبواب دار تحفيظ بجانب المسجد، وكل فترة يأتي شخص ويحضر أشياء قد تبرع بها، فترسلني لأذهب لحملها ووضعها في الدور الثاني. وقليلا ما أجد لي عونا من جيران المسجد، وكذلك في تنظيفها، علما أن هناك 4 مشرفين عليها، ولكن لا فائدة منهم إلا من رحم الله.
وهذا الأمر شغلني كثيرا عن دراستي وجامعتي.
فهل لي أن أكلم والدتي وأرفض العمل في هذه الدار وما يخصها؛ لأنه لا يترتب عليها ضرر في نفسها أو نقص لها. فهل لي هذا الأمر؟
وأعيد وأكرر أنا ولله الحمد قائم بكل طاعتها وأوامرها، ولكن لدي إخواني الصغار أوصلهم للمدارس وأرجعهم كل يوم، ولدي أغراض البيت ونواقصه. ولدي جامعتي ودروسي لا أكاد أجد حتى وقتا للدراسة.
وهذه الدار لم يكلفني الله بها شرعا، بل الأولى هي الأمور التي ذكرتها فوق.
فما توجيه فضيلتكم؟
ولكم جزيل الشكر، وعذرا على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيراً على حرصك على برّ أمّك والإحسان إليها، فبرّ الأمّ من أفضل القربات، وأرجاها بركة في الدنيا والآخرة.
وإذا كان الحال كما ذكرت؛ فلا حرج عليك إذا كلمت أمّك، وبينت لها أنّك مشغول بالدراسة وغيرها من أمور المعاش، وطلبت منها أن تعفيك من القيام بأمور دار التحفيظ.
وإذا لم ترض الوالدة وأصرّت على قيامك بهذه الأمور، وكان في قيامك بها ضرر عليك، فلا تلزمك طاعتها في ذلك، لكن تطيعها فيما تقدر، وتعتذر لها بأدب ورفق فيما لا تقدر عليه.

وأمّا إذا قدرت على القيام بهذه الأمور من غير ضرر، فعليك طاعتها ولو كان فيه بعض المشقة.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ؛ وَإِلَّا فَلَا. انتهى من الفتاوى الكبرى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني