الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ومخاطر إنجار مشاريع البحوث للطلبة وبيعها لهم

السؤال

أنا أعمل في مجال صناعة برامج الحاسب الآلي (مبرمج)، والجامعة التي درست فيها، وتخرجت منها في ذات التخصص تطلب من الطلاب في آخر سنة دراسية تقديم مشروع تخرج عبارة عن برنامج كبير، والمشكلة أن الجامعة لا تؤهل الطالب من الناحية التعليمية إطلاقاً لصناعة مثل هذه البرامج، فيأتي الطالب في آخر العام، ويصدم بالمطلوب منه، وهو عاجز تماماً عن عمل البرنامج، وليس لديه إلا خياران؛ إما الرسوب وإعادة سنة كاملة، وإما شراء البرنامج، وعرضه للتخرج من الجامعة، وهذا كله بسبب أن الجامعة لا تؤهل الطالب لهذا إطلاقاً.
سؤالي الآن سلمكم الله: يأتيني الطلاب بغرض شراء هذا المشروع الذي طلبته الجامعة منهم؛ لكي أقوم بتنفيذه لهم لقاء مبلغ مالي، وذلك للأسباب التي ذكرتها سابقاً، والآن وقد علمتم حال الطلاب مع هذه الجامعة. فهل عملي هذا حرام أم حلال؟ مع العلم أن نسبة الطلاب الذين يقومون بشراء المشروع هو 90% تقريباً من طلاب الجامعة، وإن توقفت أنا عن العمل فقطعاً سيذهبون لعمله عند غيري، فماذا أفعل في هذه الحالة؟ وكذلك بالنسبة للطلاب هل يجب عليهم أن يختاروا خيار الرسوب على أن ينقذوا أنفسهم بما أن الذنب في الأساس لا يقع عليهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك تنفيذ المشروع وبيعه للطلبة ليقدموه بأسمائهم على أنهم هم من أنجزوه؛ لكون ذلك من التزوير المحرم والغش الممنوع، وما ذكرته من كون الجامعة لا تؤهلهم التأهيل اللازم، وأن أكثر الطلبة لا يستطيع إنجاز المطلوب لضعف مستواه، وأنك لو لم تتعاون مع الطلبة، فسيتعاون معهم غيرك، فكل هذه الأسباب لا تبيح لك الدخول في محرم، والتعاون مع الغاش المزور على غشه وتزويره. وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}. وقال النبي صلى الله عيه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.

والطالب الذي ينجح بالغش والتزوير سيعطى شهادة وبموجبها يتولى مسؤولية، إما في التعليم أو الطب أو الهندسة أو غير ذلك، وكيف سيكون حاله في تلك المسؤوليات، وهو جاهل، إنما يحمل شهادة مزورة قد أخذها بالغش والكذب وشراء البحوث والمشاريع، هذا ظلم لنفسه، وظلم وخيانة لعموم الأمة.

فاتق الله، ولا تكن طرفا في ذلك، وانصح الطلبة، وبين لهم حرمة ما يفعلون، وأن تقصير الجامعة لا يبيح ذلك الفعل المحرم، فليطالبوا الجامعة بما يجب عليها، وليدرسوا حتى يقدروا على إنجاز المشاريع المطلوبة بأنفسهم، ويمكنك أن تعينهم بأن تعلمهم كيفية إنجاز المشروع، وتأخذ منهم أجرا على ذلك، لا أن تتولى أنت إنجاز المشروع عنهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني