الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قصة عمر بن الخطاب مع عبد الله بن الزبير

السؤال

ما مدى صحة هذه القصة، وقد رواها عدد من كبار الشيوخ؟
حينما كان عبد الله بن الزبير طفلًا في السادسة من عمره، كان يلعب مع الأطفال بالمدينة المنورة. فمر عليهم أمير المؤمنين عمر وهم يلعبون وعندما شاهدوه انطلق كل واحد منهم في اتجاه يختبئ، إلا طفلًا صغيرًا وقف ينظر إلى عمر بن الخطاب.
فوقف سيدنا عمر أمام الغلام وجثا على ركبتيه بكل تواضع لهذا الغلام الصغير، ثم قال له: يا بني، لماذا لم تنصرف مثلما انصرف باقي الأطفال؟ فقال له الطفل البالغ من العمر ست سنوات: ( يا أمير المؤمنين ليست الطريق ضيقة حتى أوسعها لك، ولست جانيًا حتى أخاف منك ).
فتبسم سيدنا عمر للباقة وبلاغة هذا الطفل، وسأله عن اسمه قائلًا: من أنت؟ فقال الطفل: أنا عبد الله بن الزبير، فقال له سيدنا عمر: ابن العوام؟ فقال الطفل: نعم، فقبل سيدنا عمر يد الصبي ورأسه ودعا له بالبركة.
فإني والله علمت أن عبدالله بن الزبير -رضي الله عنه- كان أول مولود للمسلمين في المدينة في العام الأول من الهجرة النبوية الشريفة.
وأن خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- كانت في العام الثالث عشر على نفس التقويم.
فكيف يكون عبدالله بن الزبير -رضي الله عنه- غلاماً في خلافة عمر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فممن ذكر هذه القصة الماوردي في أدب الدنيا والدين: (الباب الأول فضل العقل وذم الهوى)

.... وأحسن من هذا الذكاء والفطنة ما حكى ابن قتيبة أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مر بصبيان يلعبون وفيهم عبد الله بن الزبير فهربوا منه إلا عبد الله. فقال له عمر -رضي الله عنه-: ما لك؟ لم لا تهرب مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين؛ لم أكن على ريبة فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقا فأوسع لك. فانظر ما تضمنه هذا الجواب من الفطنة وقوة المنة وحسن البديهة. كيف نفى عنه اللوم، وأثبت له الحجة فليس للذكاء غاية، ولا لجودة القريحة نهاية. اهـ.

وجاء في عيون الأخبار (2/ 215) لابن قتيبة: مرّ عمر بن الخطّاب بالصبيان وفيهم عبد الله بن الزبير، ففرّوا ووقف؛ فقال له عمر: ما لك لم تفرّ مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لم أجرم فأخافك، ولم يكن بالطريق ضيق فأوسع لك. اهـ.

والله أعلم بصحتها، لكن ما ذكره السائل لا يستلزم ضعفها. فابن الزبير في خلافة عمر -رضي الله عنهما- كان لا يزال غلاما؛ لأن الغلام يطلق على الولد من ولادته إلى أن يشب.

جاء في معجم متن اللغة (موسوعة لغوية حديثة): الغلام: الطار الشارب، أو من حين أن يولد إلى أن يشب. انتهى.

والصبي أيضا يفسره بعض كتب اللغة بالغلام، والحديث يدل على تسمية الطفل صبيا حتى يحتلم.

والخلاصة أن القصة مذكورة في بعض الكتب دون بيان لصحتها من عدمه، ولكن لا يؤخذ من فارق الزمن بين ولادة ابن الزبير وخلافة عمر -رضي الله عنهما- ضعفها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني