الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال لامرأة متبرجة: يا قحبة

السؤال

ما حكم من قال لامرأة: يا قحبة، يا ساقطة؛ لأنها تلبس الملابس الضيقة؛ لكي ينظر إليها الشباب.
وهنا لا يقصد بقحبة، أو ساقطة الزنا. فهل هذا يعتبر من القذف؟ أم يعتبر من السب المحرم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ هذا القول صريح في القذف، فيجب به الحدّ.

جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل: من قال لامرأته يا قحبة عليه الحدّ. انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه في المغني: فَأَمَّا مَا عَدَاهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ، فَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى تَفْسِيرِهِ، لِمَا ذَكَرْنَا فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا مُخَنَّثُ. أَوْ لِامْرَأَةٍ: يَا قَحْبَةُ. وَفَسَّرَهُ بِمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ، مِثْلِ أَنْ يُرِيدَ بِالْمُخَنَّثِ أَنَّ فِيهِ طِبَاعَ التَّأْنِيثِ وَالتَّشَبُّهَ بِالنِّسَاءِ، وَبِالْقَحْبَةِ أَنَّهَا تَسْتَعِدُّ لِذَلِكَ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: يَا فَاجِرَةُ، يَا خَبِيثَةُ. وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ فِي هَذَا رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ قَذْفٌ صَرِيحٌ، وَيَجِبُ بِهِ الْحَدُّ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. انتهى.

والظاهر -والله أعلم- أنّ هذا اللفظ إذا شاع استعماله في العرف بمعنى الزانية؛ فهو صريح في القذف. قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في شرح زاد المستقنع: كلمة (قحبة) يقولون: إنها من الكناية، عند الناس الآن الظاهر أنها صريحة، أو قريبة من الصريح؛ لأنهم ما يعرفون معناها الأصلي. انتهى.

ولا ريب في قبح معصية المرأة التي تلبس الملابس الضيقة ليراها الرجال الأجانب، والواجب على وليها منعها من ذلك، وإن كانت ذات زوج، فعلى زوجها أن يمنعها من ذلك، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ {النساء:34}. قال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد. انتهى.
وعلى أية حال، فإنّ زجر المرأة عن هذه المعصية لا يكون بمثل هذه الألفاظ الفاحشة، فالمسلم ينزه لسانه عن مثل هذا الفحش، ففي سنن الترمذي عن أبي الدرداء أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله يبغض الفاحش البذيء.
وفيه أيضاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني