الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المفاضلة بين صلاة التراويح منفردًا بجزء والصلاة بأهل البيت جماعةً بأقلّ

السؤال

بسبب الأزمة التي يمرّ بها العالم، فقد أغلقت المساجد، وسيدخل علينا رمضان، والله أعلم هل ستفتح المساجد أم لا، وأنا أحب أن أصلي صلاة التراويح بجزء، بحيث أكمل ختمة في نهاية الشهر -إن شاء الله-، فهل الأفضل أن أصلي مع زملائي في البيت جماعة، أم أصلي منفردًا لأحقّق هدفي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كنت تسأل عن المفاضلة بين أن تصلي التراويح منفردًا بجزء، وبين أن تصلي جماعة في البيت بأقل من جزء.

فما دامت جماعة المسجد معطلة، فالذي يظهر لنا أن صلاتك منفردًا بجزء، أفضل من صلاتك جماعة مع زملائك بأقل من جزء، وذلك لأمور:

أولها: لأنها أطول في القيام، وقد جاء في حديث جَابِرٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ»، رواه مسلم، والترمذي، وغيرهما.

والمقصود بطول القنوت، أي: طول القيام، جاء في تحفة الأحوذي: الْمُرَادُ هُنَا طُولُ الْقِيَامِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَصْرِيحُ أَبِي دَاوُدَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: طُولُ الْقِيَامِ. اهــ.

ثانيًا: لأجل تحصيل فضيلة ختم القرآن في التراويح، وختم القرآن في التراويح، مندوبٌ، كما بيناه في الفتوى: 56413.

ثالثًا: أن الانفراد في البيت أقرب إلى الإخلاص، ومن هنا نص فقهاء المالكية على أن الانفراد في التراويح في البيت أفضل من أدائها في البيت جماعة، جاء في الشرح الكبير: ونُدِبَ انْفِرَادٌ بِهَا، أَيْ: فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ، وَلَوْ جَمَاعَةً. اهــ.

قال الدسوقي في حاشيته معلقًا: (قَوْلُهُ أَيْ: فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ، وَلَوْ جَمَاعَةً) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الْأَئِمَّةُ عَلَّلُوا أَفْضَلِيَّةَ الِانْفِرَادِ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الرِّيَاءِ، وَلَا يَسْلَمُ مِنْهُ إلَّا إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ. وَأَمَّا إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ جَمَاعَةً، فَإِنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ. نَعَمْ، إذَا كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ بِزَوْجَتِهِ وَأَهْلِ دَارِهِ، فَهَذَا بَعِيدٌ فِي الْغَالِبِ مِنْ الرِّيَاءِ. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني