الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ينبغي للمسلم أن تمنعه ذنوبه من الدعاء لوالديه

السؤال

توفيت والدتي منذ أيام، وفراقها مزّق قلبي، حيث إنني لم أكن الابنة المطيعة، وقد أجهدتها بتربيتي.
نعم، كنت أحبها، وكنت بارّة بها، لكني أشعر أنني لم أوفِّها حقها في البرّ، "وولد صالح يدعو لها ".
أنا لست صالحة، وذنوبي كثيرة، ومنها كبائر لولا ستر الله، وقبل وفاتها ابتلاني الله بمرض سرطان الثدي، ولا أعلم هل هو بلاء أم ابتلاء، ولكني رجعت إلى الله وتبت وأنبت، ولعله تكفير لذنوبي.
لا أقوى على الدعاء لها من شدة خجلي وشعوري بأني لست الصالحة لأدعو لها، ورضيت بمرضي، وأدعو الله أن يكون كفارة لي، ولا أعترض على المرض، فهل هو فعلا كفارة؟ وهل أدعو لأمي رغم تأكدي أنني لست صالحة، ولكني أدعو الله أن ألحقها في صفوف الصالحين، خصوصًا أنها توفيت مبطونة؟ وهل يجوز أن أدعو على نفسي بالشهادة مثلها؟ وهل المرض النفسي يثاب عليه مريضه، مثل الصرع، وهوس نتف الشعر اللاإرادي؟ فقد حرمت من شعري، وأنا التي أنتفه منذ 30 سنة إلى اليوم.
أفيدوني -أكرمكم الله-، فأنا أكاد أموت من شدة هلعي وحزني ويأسي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك العافية، ولأمّك الرحمة، ثم اعلمي أنه مهما كان ذنبك عظيمًا، فعليك أن تتداركيه بالتوبة النصوح، والإكثار من الحسنات الماحيات.

ولا تمنعنّك ذنوبك من الخير، ولا من الدعاء لأمّك؛ فإنه مما تؤجرين عليه، وتنتفع هي به، ولعل دعوة منك تبلغها، فتخفف عنها، أو ترفع درجاتها.

وأما مرضك: فاصبري عليه، واعلمي أنه من يرد الله به خيرًا يصب منه، وأنك لا تتألمين شيئًا من الألم، إلا كان كفارة لذنوبك، وتمحيصًا لخطاياك، فتلَقَّي قضاء الله جميعه بالصبر، والاحتساب.

وإذا كنت ترين أنك غير صالحة كما تريدين، فأنت خير من كثير ممن سواك، فاحمدي الله على ما أعطاك، واسأليه المزيد من فضله.

وعليك أن تسعي في تكميل نفسك بطاعة الله تعالى، والبُعد عن معاصيه، ولا تتمني الموت.

ويجوز لك أن تتمني الشهادة، وقد بينا الفرق بين الأمرين في الفتوى: 258160، فانظريها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني