الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل في آية: (فالملقيات ذكرًا) دليل على عدم اختصاص جبريل بالنزول بالوحي؟

السؤال

قال تعالى في سورة المرسلات: "فالملقيات ذكرًا"، يعنى الملائكة التي تنزل بالوحي على الأنبياء، فهل نستطيع القول إن جبريل -عليه السلام- لم يكن وحده المسؤول عن الوحي، بما أن "الملقيات" جاءت بصيغة جمع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الآية الكريمة ليست صريحة في أن النزول بالوحي غير مختص بجبريل -عليه السلام-، فقد يكون المراد بالملائكة جبريل وحده، والجمع للتعظيم، أو باعتبار من يجيء مع جبريل من الملائكة الحفظة، جاء في تفسير القرطبي: (فالملقيات ذكرًا) الملائكة بإجماع، أي: تلقي كتب الله عز وجل إلى الأنبياء -عليهم السلام-. قاله المهدوي.

وقيل: هو جبريل، وسمي باسم الجمع؛ لأنه كان ينزل بها.

وقيل: المراد الرسل يلقون إلى أممهم ما أنزل الله عليهم. قاله قطرب. اهـ.

وفي روح المعاني للألوسي: فَالْمُلْقِياتِ ذِكْرًا: قيل أقسم سبحانه بمن اختاره من الملائكة -عليهم السلام- على ما أخرجه عبد بن حميد، عن مجاهد، فقيل: المرسلات والعاصفات طوائف، والناشرات والفارقات والملقيات طوائف أخرى:

فالأولى: طوائف أرسلن بأمره تعالى، وأمرن بإنفاذه، فعصفن في المضي وأسرعن، كما تعصف الريح؛ تخففًا في امتثال الأمر وإيقاع العذاب بالكفرة، إنقاذًا للأنبياء -عليهم السلام-، ونصرة لهم.

والثانية: طوائف نشرن أجنحتهن في الجوّ عند انحطاطهن بالوحي، ففرقن بين الحق والباطل، فألقين ذكرًا إلى الأنبياء -عليهم السلام-. ولعل من يلقي الذكر لهم غير مختص بجبريل -عليه السلام-، بل هو رئيسهم. اهـ.

وفي تفسير أبي السعود لقوله تعالى: يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ {النحل:2}: والمُرادُ بِالمَلائِكَةِ: إمّا جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلامُ-. قالَ الواحِدِيُّ: يُسَمّى الواحِدُ بِالجَمْعِ، إذا كانَ رَئِيسًا، أوْ هو ومَن مَعَهُ مِن حَفَظَةِ الوَحْيِ بِأمْرِ اللَّهِ تَعالى. اهـ.

وراجع للفائدة، الفتويين: 114392، 314662.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني