الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلزم المريض المقتدر ماديًّا أن ينيب من يحجّ عنه؟

السؤال

أرغب في أداء فريضة الحج، ولديّ الاستطاعة المادية، ولكني أعاني من تمزق في غضروف الركبة، وخشونة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهي تمنعني من الوقوف، أو المشي لفترة طويلة، وأي إجهاد يسبب لي ألمًا وضررًا، فهل أنا آثم في عدم ذهابي للحج؟ وهل يجوز توكيل أحد للحج بدلًا مني؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دمت يشق عليك أداء الحجّ بسبب المرض، فإنه لا إثم عليك في عدم الذهاب للحجّ.

وأما هل تنيب من يحجّ بدلًا عنك؟

فإن كان مرضك مزمنًا لا يرجى شفاؤه، وأنت مقتدر ماديًّا؛ لزمك أن تنيب من يحجّ عنك.

وإن كان مرضك يرجى شفاؤه، لزمك أن تحج بنفسك إذا شفيت، جاء في الموسوعة الفقهية: إِذَا أُصِيبَ بِعَاهَةٍ يُرْجَى زَوَالُهَا، فَلاَ تَجُوزُ الإْنَابَةُ، بَل يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ عِنْدَ زَوَالِهَا عَنْهُ. اهــ.

وقال صاحب الزاد: وَإِنْ أعْجَزَهُ كِبَرٌ، أوْ مَرَضٌ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ؛ لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ ويَعَتَمِرُ عَنْهُ. اهــ.

قال ابن عثيمين في شرحه: قوله: «وإن أعجزه كبر»، أي: مع توافر المال لديه، فهو قادر بماله، غير قادر ببدنه؛ ولهذا قال: «أعجزه كبر»، ولم يقل: «أعجزه فقر»، فهو رجل غني، لكن لا يستطيع أن يحج بنفسه؛ لأنه كبير، أو مريض لا يرجى برؤُه، فإنه يلزمه أن يقيم من يحج، ويعتمر عنه.

وقوله: «لا يرجى برؤُه»، فهم منه أنه لو كان يرجى برؤُه، فإنه لا يلزمه أن يقيم من يحج عنه، ولا يلزمه أن يحج بنفسه؛ لأنه يعجزه، لكن يجوز أن يؤخر الحج هنا، فتسقط عنه الفورية؛ لعجزه، ويلزمه أن يحج عن نفسه إذا برئ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني