الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البيع في أرض مملوكة للغير

السؤال

لدي بسطة أبيع فيها على الطريق، لكن المشكلة أن الأماكن التي أبيع فيها تكون أراضي لناس يضعون فيها الحجر، ولا يضعون عليها سورا. فهل يحق لي وضع بضاعتي في هذه الأراضي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأراضي المملوكة للغير لا يجوز الانتفاع بها -بالجلوس عليها للبيع أو غير ذلك- ولو لم تكن مسوَّرة، إلا بإذن مُلّاكها، وراجع في بيان هذا الفتاوى: 100945، 256240، 163893.

مع العلم بأن إذن مالك الأرض لا يشترط أن يكون إذنا صريحا بالقول، بل العلم برضا المالك بمقتضى العرف، أو الإقرار، ونحو ذلك يقوم مقام الإذن اللفظي.

قال ابن تيمية: فإن الإذن تارة يكون بالقول، وتارة بالفعل، وتارة بالإقرار على ذلك. فالثلاث في هذا الباب سواء، كما في إباحة المالك في أكل طعامه، ونحو ذلك. بل لو عرف أنه راض بذلك دون أن يصدر منه قول ظاهر، أو فعل ظاهر، أو إقرار، فرضا من يعتبر إذنه بمنزلة إذنه الدال على ذلك، فإن الإذن العرفي عندنا كاللفظي. فيجوز للإنسان أن يأكل طعام من يعلم رضاه بذلك؛ لما بينهما من المودة، وهذا أصل في الإباحة، والوكالة والولايات. اهـ. باختصار من الاختيارات للبعلي.

وقال ابن تيمية أيضا: الإذن العرفي في الإباحة أو التمليك أو التصرف بطريق الوكالة كالإذن اللفظي، فكل واحد من الوكالة والإباحة ينعقد بما يدل عليها من قول وفعل، والعلم برضى المستحق يقوم مقام إظهاره للرضى. وعلى هذا يخرج مبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عثمان بن عفان بيعة الرضوان، وكان غائبا، وإدخاله أهل الخندق إلى منزل أبي طلحة ومنزل جابر بدون استئذانهما؛ لعلمه أنهما راضيان بذلك.

ولما دعاه - صلى الله عليه وسلم - اللحام سادس ستة: اتبعهم رجل، فلم يدخله حتى استأذن اللحام الداعي، وكذلك ما يؤثر عن الحسن البصري: أن أصحابه لما دخلوا منزله وأكلوا طعامه قال: ذكرتموني أخلاق قوم قد مضوا. وكذلك معنى قول أبي جعفر: إن الإخوان من يدخل أحدهم يده في جيب صاحبه، فيأخذ منه ما شاء. ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن استوهبه كبة شعر: " «أما ما كان لي ولبني عبد المطلب: فقد وهبته لك» " وكذلك إعطاؤه المؤلفة قلوبهم عند من يقول: إنه أعطاهم من أربعة الأخماس. وعلى هذا خرج الإمام أحمد بيع «حكيم بن حزام وعروة بن الجعد لما وكله النبي - صلى الله عليه وسلم - في شراء شاة بدينار، فاشترى شاتين وباع إحداهما بدينار». فإن التصرف بغير استئذان خاص: تارة بالمعاوضة، وتارة بالتبرع، وتارة بالانتفاع، مأخذه: إما إذن عرفي عام، أو خاص. اهـ. من القواعد النورانية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني