الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز قطيعة العمة لكونها تقذفها في عرضها؟

السؤال

أريد أن أسأل عن حكم مقاطعة الأقارب. حيث مؤخرا حدثت مشاكل بيني وبين عمتي بسبب ظلمها لي، وتكلمت عني بأسوء الصفات، فأصبحت تتحدث عن شرفي وتقذفني (قذف المحصنات)، فوصل بها القول بأني حامل بابن زنا، وأنني أخرج مع الرجال في الحرام، كما تكلمت بالسوء عن أمي، واتهمتها بالسحر من دون دليل، بالإضافة إلى العديد من الألفاظ الجارحة لنا. فهل يجوز لي مقاطعتها.
مع العلم أنها هي أيضا قاطعتنا، وطلبت من بناتها أن يقاطعننا أيضا، وعندما علم أبي بما دار بيننا من شجار قام هو أيضا بمقاطعتها لتأكده من براءتي، ومن كذبها، وافترائها علينا -أنا وأمي- فهل هو على حق عندما قاطعها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت عن عمتك جملة من المنكرات جمعت فيها بين الإساءة والظلم في حقك، وفي حق أمك، باتهامها لك في العرض، واتهامها لأمك بعمل السحر، فإن صح ذلك عنها، ولم يكن لها على ما ادعته بينة، فإنها على خطر عظيم، إن لم تتداركها رحمة الله، وتتوب إلى ربها، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.

وروى الترمذي عن ابن عمر -رضي الله عنهما قال: صعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنبر فنادى بصوت رفيع، فقال: يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. قال: ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى 93577.

فالواجب نصحها، وتذكيرها بالله عز وجل، والمبادرة إلى التوبة النصوح، وينبغي أن يسلط عليها في ذلك بعض أهل العلم والفضل ممن يرجى أن تسمع لقولهم، هذا بالإضافة إلى كثرة الدعاء لها بخير، فعسى الله أن يهديها صراطه المستقيم، ويصلح حالها فيزول الإشكال. فإن تم ذلك فالحمد لله، وإلا فيجوز هجرها بالقدر الذي يندفع به أذاها، ويرجى أن تتحقق به المصلحة، ولكن من غير قطيعة بالكلية، لا من قبلك ولا من قبل أبيك؛ لأن العمة من الرحم التي تجب صلتها، وانظري لمزيد الفائدة الفتوى: 348340.

وإن أمرت بناتها بقطيعتكم، فهذا أمر منكر؛ لكونه أمرا بقطيعة الرحم، ولا يجوز لبناتها طاعتها في ذلك؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني