الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تجعل المرأة زوجَها محافظًا على الصلاة؟ وهل تستمر في نصحه أم تفارقه؟

السؤال

وفقكم الله، وجزاكم كل خير. أريد أن أسأل عن حكم بقائي مع زوجي إذا كان يصلي أحيانًا، وأحيانا لا يصلي، وإذا ذهبت إليه لنصلي، يقول: أنا متعب، وغير قادر على أن أقوم، وبعد قليل سأصلي قبل أذان الصلاة التي بعدها، ولكنه -والحمد لله- بار بأهله، ووالداه يحبانه، ويدعوان له كثيرًا، وهو يعاملني معاملة حسنة، ويحثني على طاعة الله، ويفرح بها، ويساعدني في أمور المنزل، ويعينني على صلة رحمي، وعلاقتي بأهلي وأخواتي، وأدعو له كثيرًا.
وهو حنون على أولاده، ومهتم جدًّا بأمورهم، ويحثّهم على الصلاة، ويفرح بحفظهم للقرآن، وكريم، ويحب الخير للآخرين، ويقول: أريد أن أصلي، ويعاتب نفسه كثيرًا، ولكنه يقصّر.
وفي هذه الأيام المباركة عندما أقول له: نصلي جماعة، يصلي، وعندما يقول لي: إنه غير قادر، وإنه سيصلي بعد قليل، أذهب لأصلي الصلاة في وقتها بمفردي، وهو في هذه الحالة لا يصلي، أو يصليها قبل أذان الصلاة التي بعدها، وعندما نكون عند أهله أو أهلي نصلي جماعة، ويصلي معنا، فهل بقائي معه صحيح، وطاعته صحيحة؟ وما الوسائل التي أتبعها لكي أجعله يلتزم بالصلاة التزامًا دائمًا؟ وهل الصلاة في وقتها أفضل، أم انتظاره وصلاة الجماعة معًا؟ أفيدوني -أفادكم الله، وجزاكم الله كل خير-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت عن زوجك كثيرًا من الصفات الطيبة، كالمعاشرة بالحسنى، وإعانته لك على صلة رحمك، والاهتمام بأولاده، وفرحه بحفظهم القرآن، وهذا أمر طيب، وهو فيه محسن، نسأل الله تعالى أن يجزيه عليه خيرًا.

ولكن في المقابل ذكرت عنه تفريطه في أمر الصلاة، وهو مسيء إساءة بالغة بإخراج الصلاة عن وقتها؛ فشأن الصلاة عظيم، فهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، والصلة بين العبد وربه. ويجب أداؤها في وقتها، ولا يجوز إخراجها عن هذا الوقت، إلا لعذر شرعي، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 38269.

فعليك بمناصحته بالحكمة، والموعظة الحسنة، وذكّريه بالله عز وجل، وبخطورة هذا التفريط، وأنه ربما اقتدى به الأولاد في ذلك؛ فيكون قدوة سيئة لهم.

ويمكنك أن تسلطي عليه من ينصحه ممن ترجين أن يستجيب لكلامه.

فإن تم ذلك، واستقام على أمر الصلاة؛ فالحمد لله، وإلا فمثله يستحب فراقه، كما ذكر أهل العلم، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحبّ لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.

ولكن لا يلزمك فراقه، فلك الحق في البقاء في عصمته، مع الاستمرار في نصحه، ومحاولة إصلاحه.

ولا تنسي أن تكثري من الدعاء له بالتوبة، والهداية.

نسأل الله المولى تبارك وتعالى أن يمنّ عليه بالهداية، ويقرّ عينك بصلاحه، ورؤيته على الاستقامة على الطاعة، والمحافظة على الصلوات في وقتها.

وننبه إلى أن صلاة الجماعة واجبة على الرجال، على الراجح من أقوال الفقهاء، وتراجع الفتويان: 1798، 142417.

وبخصوص أيهما أفضل: الصلاة أول الوقت، أم تأخيرها لفعلها في جماعة، راجعي الفتوى: 123619.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني