الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حق الأب في الرجوع عن كتابة البيت باسم بناته إذا كان بصيغة البيع

السؤال

أخي تزوج وأنجب بنتين، وبنى بيتًا من أربعة أدوار في حياة هذه الزوجة، ثم توفيت زوجته؛ فتزوج أخرى، وأنجب منها ثلاث بنات، ولم تكن الزوجة الثانية موفّرة على الإطلاق، بل كانت مسرفة للغاية.
وبعد عدة سنوات كبرت البنتان اللتان من الزوجة الأولى، علمًا أن أمّي هي التي ربتهما في وقت كان أخي متزوجًا بأخرى خارج البلاد، ومشغولًا بحياته وبناته الأخريات، وظالمًا في التربية، ومقتِّرًا المالَ على البنتين اللتين من الزوجة المتوفاة.
وبعد عدة سنوات طلب وهو خارج مصر من أمّي الموجودة في مصر أن تكتب البيت باسم البنات الخمس، وفعلت أمّي ذلك بعد محاولات أن يترك كل شيء كما هو؛ لكيلا يحاسب على أنه يريد أن يتهرب من شرع الله في إرث أخواته.
وكتبته باسم البنات، والبنت الأولى رشيدة؛ فوقعت باسمها أنها مشترٍ أول، أما الأربع الأخريات فما زلن قاصرات تحت وصاية أخي، وبعد فترة غيّر أخي كلامه، وقال لأمّي: أرجعي البيت باسمي؛ لكي يبيعه، ووقتها خافت أمّي -رحمها الله- على حق البنتين اللتين من الزوجة الأولى. ولأن زوجته مسرفة، أخفت أوراق البيت عند رجل أمين، وليس عندها مانع أن يأخذ الأوراق لكن في يده هو؛ لأنه مسافر.
وتوفيت أمّي، وإحدى بناته متزوجة، والأخرى عندي في بيتي؛ لأنها رفضت أن تعيش معه؛ بسبب ظلمه لها، فهل يحق لأخواته أن يخفين الأوراق، ويماطلن؛ لكيلا يبيع البيت؛ وبذلك يحافظن على حق البنتين؟ وإن أعطيناه الأوراق وباع بيته، فهل يحق لنا أن نأخذ نصيبًا من البيت للبنتين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حقّ لكم في منع أخيك من التصرف في بيته -بالبيع، أو غيره-؛ فإنّ كتابة البيت لبناته ولو كانت بصيغة البيع، إلا أنّها في حقيقتها هبة، والعبرة في العقود بالقصود والمعاني، لا بالألفاظ والمباني.

وعليه؛ فمن حقّه الرجوع في تلك الهبة، فللأب أن يرجع فيما وهبه لولده، إذا كان باقيًا، ولم يتعلق به حق غيره؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَحِلُّ لأحدٍ أَنْ يُعْطِىَ عَطِيَّةً فَيَرْجِعَ فِيهَا، إِلاَّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِى وَلَدَهُ.. رواه الترمذي.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: للأب الرجوع فيما وهب لولده. وهو ظاهر مذهب أحمد، ... وهذا مذهب مالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور..

وقال: للرجوع في هبة الولد شروط أربعة:

أحدها: أن تكون باقية في ملك الابن...

الثاني: أن تكون العين باقية في تصرف الولد...

الثالث: أن لا يتعلق بها رغبة لغير الولد....

الرابع: أن لا تزيد زيادة متصلة... انتهى مختصرًا.

وإذا باع أخوك البيت؛ فلا حقّ للبنات في شيء من ثمنه، لكن إذا تبرع الأب بعطية لبناته؛ فلا حرج عليه إذا سوّى بينهن في العطية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني