الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن ابتليت بزوج عاجز جنسيًّا ويشاهد الأفلام الإباحية

السؤال

أنا متزوجة منذ 15 عامًا، ولديّ ثلاثة أطفال: أكبرهم عمره 14 عامًا، وعمر الصغير 3 أعوام، أعاني منذ زواجي من بعض المشاكل في العلاقة الزوجية؛ فزوجي اعتاد ممارسة العادة السرية، ومشاهدة الأفلام الإباحية، وخلال زواجي منه وأنا أحاول معه بشتى الطرق؛ إلا أن محاولاتي باءت جميعها بالفشل؛ واعترف أن العلة فيه، وأنه يعاني من ضعف جنسي، وقلة رغبة، وخلال تلكم السنوات لم يحدث جماع إلا مرات قليلة بهدف الإنجاب.
علمًا أني جميلة، ونظيفة، وذات مركز مرموق في المجتمع، وقد صبرت كثيرًا، واحتسبت أجري عند الله، خاصة أنه هادئ الطباع إلى حد السلبية، ولا يثير أية مشاكل، أو أي تفاعل، ولا أنكر أنني قد وصلت مرات إلى أنني لا أريده، ورغبت في الانفصال، ولكنه يطلب مني فرصة أخرى.
وقد كنت أعرض نفسي عليه، وأقوم أنا بالاستمناء له، ولوجه الله؛ رغبة مني في رفع الحرج عنه، ورفع الذنب، ولكني تعبت كثيرًا، ولم أعد أحتمل، وكرهت هذا الشكل من العلاقة الزوجية، ولم أعد أحاول معه، وتركته لنفسه.
وقبل شهرين وبسبب تعاطيه لمنوّم بصفة يومية -عقار الكلوزابكس- حدث بيننا خلاف بسبب رفضي لذلك، لأنني لا أرى سببًا ولا ضرورة لذلك؛ فهو ينام مثل الميت من 5 المغرب للساعة 6 صباح كل يوم، ولا يشعر بنا، ويوم الخميس يتناول 3 حبات، ويظل نائمًا 24 ساعة؛ بدعوى أنها عادة.
ومنذ شهرين لم يحدث بيننا أي حوار أو كلام، فهل خصامي معه يتعارض مع الصبر؟ فأنا أريد أجر الصبر من الله، وهل يؤثر ذلك على قبول أعمالي الصالحة؟ علمًا أنه لا يطلبني لعلاقة زوجية في العادة حتى وإن لم يكن هناك خصام، فهو عنيد جدًّا، ولديه كِبْر غريب، وأعلم أنني لو استمررت في بعدي عنه إلى أن يشاء الله فلن يحرك فيه ذلك ساكنًا.
معذرة إن كانت شكواي مشتتة، فأنا شخصيًّا ممزقة، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان زوجك على الحال التي ذكرت، وهي أنه يمارس الاستمناء، ويشاهد الأفلام الإباحية؛ فإنه آت لمنكرات، فكلاهما أمران محرمان، كما هو مبين في الفتوى: 7170، 3605.

والأمر أعظم في كون هذين الأمرين يصدران من رجل متزوج، له زوجة مثلك، يمكنه أن يعفّ بها نفسه؛ فالإعراض عن الاستمتاع المباح بها لفعل أمور محرمة لهو نوع من كفران النعمة، هذا مع العلم أن الوطء حق للزوجة على زوجها يجب عليه أن يؤديه إليها، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقها عليه أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقدر حاجتها وقدرته، كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين. اهـ.

ولو كان زوجك مصابًا بالضعف الجنسي، فينبغي أن يسعى في سبيل العلاج، وليستعن بالله عز وجل ودعائه والتضرع إليه.

وليراجع الأطباء المختصين.

وإذا تاب من الاستمناء ومشاهدة الأفلام، فالمرجو - بإذن الله - أن يكون ذلك عونًا له على العلاج؛ فمن الثمرات الطيبة للطاعة القوة في الأجساد، قال ابن عباس -رضي الله عنهما: إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورًا في القلب، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادًا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنًا في البدن، وضيقًا في الرزق، وبغضًا في قلوب الخلق.

ونوصيك بالوقوف بجانب زوجك، والاستمرار في نصحه بالحسنى واللطف، والدعاء له بخير.

وذكريه أيضا بأنه مطالب شرعًا بمعاشرتك بالمعروف، ويدخل في ذلك إشباع الجانب العاطفي بالمؤانسة، والملاطفة، والكلمة الطيبة، وقضاء وقت معك ومع الأولاد؛ فالضعف الجنسي لا يمنع من القيام بذلك، ويمكن اطلاعه على الفتوى: 134877.

وقد أحسنت بصبرك على زوجك فيما مضى، ونسأل الله تعالى أن يجزيك على ذلك خيرًا، وأن تكون عاقبته خيرًا، وللمزيد فيما يتعلق بفضل الصبر، راجعي الفتوى: 18103.

وهذه الخصومة لزوجك تنافي الصبر فيما يظهر لنا؛ لأن حقيقة الصبر حبس النفس على ما تكره، فإذا هجرت زوجك انتفى ذلك.

والتهاجر لا يمنع قبول العمل -من صلاة، وصيام، وغيرهما- لكن يمنع من نيل المغفرة؛ حتى يزول التهاجر، وراجعي الفتوى 23920. وهجر المرأة زوجها منع منه كثير من أهل العلم، وأجازه آخرون، إن دعا إليه سبب، ويمكن مطالعة الفتوى: 183865.

بقي أن ننبه إلى خطورة النوم عن الصلوات، وأن الواجب على النائم أن يتخذ الأسباب المعينة على الاستيقاظ، وتراجع الفتوى: 166581.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني