الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كره منكرات وتصرفات الأم مع تجنب العقوق

السؤال

والدتي طبعها صعب جدا، دائما تكفر بالله عند غضبها بشكل لا يوصف، ضيقة أخلاقها، أيّ شيء نفعله يغضبها فورا، ودائما عند غضبها تقول (الله لا يوفقكم، الله يغضب عليكم). علما -والله شهيد- أجالسها، وأفهمها أن طبعك يسبب لنا أذى، ولم نعد نطيق العيش معك بسبب كثرة المشاكل والكفر المتواصل، وأنه لا يجوز، وأنصحها بملازمة قراءة القرآن، وأن تهتم بنفسها، وأن لا تتكلم على الناس، لكن أحس أنها لا تأخذ بكلامي.
دائما متوترة، وصياح، وخناق بالبيت، والله أبرها لكن أتعبتنا بتصرفها الذي لم نعد نطيق العيش معها؛ لنتجنب أكبر قدر من المشاكل والأدعية علينا، لديها أسلوب مستفز يجعلك تغضب وتقول كلاما مستفزا، وكأننا لسنا أبناءها.
أنا سأسكن بعيدا عنها لأكمل دراستي، وأواصل حياتي، سأزورها وأطمئن عليها كل أسبوع -إن شاء الله- حتى أتجنب المشاكل معها، حتى لا يصدر مني أي تصرف غير لائق بحقها، لكن الأمل عندي انتهى، وأقول كل هذه الأدعية عليّ من أمي، الله لن يوفقني بدراستي وبحياتي.
اكتأبت وأصبحت أكره إكمال الحياة، أكرر وأقول: والله أبرها، ولا أرفع صوتي عليها، إلا عندما تختلق مشكلة، وتستفزني، وتغضب عليّ أصيح وأبكي، وأخرج من البيت فورا.
هل بالإمكان أن أخرج وأسكن بعيدا عنها، حتى تقر نفسها عسى تعود الأشياء والأمور إلى الأفضل؟
علماً كل يوم مشكلة، ولا أقول أنا لا أخطئ نهائيا، لكن لا أريد أن تحدث مشكلة بيننا، ويصدر مني تصرف غير جيد بحقها.
الله يلعن الشيطان، علما أني ملتزمة بديني. الحمد لله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول في البدء: إن ما ذكرت عن أمك من أنها تكفر بالله كلام مجمل، فليس كل ما يظن الناس أنه من أسباب الردة عن الإسلام أن يكون كذلك، فهذا أمر ينبغي التنبه له. وقد ذكر أهل العلم أن من ثبت إسلامه بيقين لا يزول عنه إلا بيقين مثله، ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى: 721.

وعلى كل، فمن حق الأم على أولادها برها والإحسان إليها، فإن وقعت فيما فيه مخالفة للشرع كان من أعظم برها والإحسان إليها الدعاء لها بالهداية والتوبة، ونصحها برفق ولين، والبحث عن أفضل سبيل للنصح، وتحري من يرجى أن يكون له وجاهة عندها من العلماء والدعاة والفضلاء، فلعلها تنتفع بنصحهم، وترجع لربها وتتوب.

وللأولاد كره ما يصدر عنها من منكرات، بل إن هذا من مقتضى الإيمان، ولكن يجب الحذر من أن يقابلوا تصرفاتها بما يترتب عليه الوقوع في العقوق مما يؤذيها، ولو كان يسيرا كالتأفيف الدال على الضجر، أو العبوس في وجهها، ونحو ذلك.

وتجدين في الفتوى: 73485. بيان ضابط العقوق. فإن صدر عنك تجاه أمك ما يقتضي العقوق، فالواجب عليك التوبة النصوح واستسماحها، ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى: 29785، والفتوى: 185693.

ولا حرج عليك في السكنى بعيدا عن أمك، إن كان هذا المكان تأمنين فيه على نفسك، وكنت لا تتركين أمك في حال تتعرض فيها للضياع، وراجعي الفتوى: 374584.

وعليك بزيارة أمك حسب الإمكان، والتواصل معها، وتفقد حالها. ونوصيك بتحري المصلحة بسكناك بعيدا عن أمك، فما ذكرناه من الجواز لا يعني أن ذلك هو الأفضل.

واحرصي على الإكثار من ذكر الله، وتلاوة القرآن، وصحبة النساء الصالحات، وحضور مجالس الخير والعلم لتتجنبي الآثار السيئة على نفسك بسبب تصرفات أمك، وما يصيبك من إحباط بسببها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني