الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تدقيق الأبحاث التي ينجزها المركز للطلاب لغويًّا مع علم الدكاترة بذلك

السؤال

معلوم لديكم أن هناك مكاتب تكتب الأبحاث للطلبة؛ ليقدموها إلى الجامعات، وبعض الدكاترة يعلم أن الطلاب يكتبون أبحاثهم في هذه المكاتب، ولديّ سؤالان هنا -أحسن الله إليكم-: أولًا: هل علم الدكاترة بذلك يؤثر في حكم كتابة الأبحاث شيئًا؟
ثانيًا: هل العمل مدققًا لغويًّا في هذه المكاتب حرام؟ مع العلم أن المدقق لا يزيد على تصحيح الخطأ اللغوي، ثم يرسله إلى القائمين على مكتب الأبحاث، وهم بدورهم يرسلونه إلى الطالب، ومع العلم أيضًا أن المكتب ربما أرسل البحث إلى الطالب دون تدقيق، إذا تأخر المدقق عن عمله، أو عرض له عارض؟ أرجو التفصيل في الجواب -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك حول عمل تلك المكاتب أمرين:

أولهما: هل علم الدكاترة بكون المكاتب تنجز الأبحاث عن الطلاب، وتسلمهم إياها جاهزة يبيح هذا العمل؟

والجواب: أن علم الدكاترة بذلك، لا اعتبار له، وليس لهم الإذن فيه، ولا السماح به؛ لكونه غشًّا محرَّمًا، وزورًا باطلًا؛ فالطالب يكتب اسمه على بحث أنه هو من أنجزه؛ ليُعطَى درجات، أو ينجح في اختبارات، فيُعطَى ما لا يستحق بمحض الكذب، والغش، والزور الذي حرّمه الله سبحانه وتعالى في كتابه، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج:30}، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. قال العلماء: معناه: المتكثر بما ليس عنده بأن يظهر للناس أن عنده ما ليس عنده يتكثر بذلك، ويتزين بالباطل.

وفي صحيح مسلم أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا، فليس منا.

والأمر الثاني الذي تضمنه سؤالك هو: عن العمل مدققًا لغويًّا في هذه المكاتب.

والجواب عنه: أن العمل في مجال التدقيق اللغوي، لا حرج فيه من حيث الأصل، ولكن على من يعمل في تلك المكاتب التي تنجز أبحاث الطلبة أن يتجنب تدقيق الأبحاث التي علم أن المكتب قام بها، ولم يتولَّها الطلاب؛ لئلا يكون متعاونًا معهم على الإثم والباطل، فقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

وأما البحوث التي أنجزها الطلاب، ويحتاجون تدقيقها لغويًّا، أو نحو ذلك، مما لا علاقة له بأصل البحث، وليس داخلًا في مجال اختبار الباحثين وتقييمهم، فلا يظهر لنا حرج في قيامك بذلك، والتكسب من ورائه. وانظر الفتاوى: 167489، 297322، 345559.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني