الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شراء سيارة بالمال المكتسب عن طريق شركة التداول

السؤال

أعاني من حساسية التراب والأدخنة والعوادم، وأعاني أيضًا من التهابات الجيوب الأنفية المزمنة، وأدرس في الجامعة، وأذهب للدراسة بالمواصلات العامة، وأتنفس يوميًّا الأدخنة والأتربة، وتسبب لي الصداع اليومي؛ فلا يمكنني المذاكرة، وتجعلني أخلد إلى النوم من كثرة الآلام، وليس هناك حل نهائي لمشكلتي إلا بتفادي هذه الأدخنة والعوادم عن طريق شراء سيارة خاصة، ولكن والديّ لا يملكان الأموال الكافية لهذا؛ فقمت بالدخول إلى شركة تداول، وربحت مبلغًا أستطيع به شراء سيارة، فهل هذا حرام أم حلال؟ مع العلم أن الصداع الكثير أثّر على مستواي الدراسي، وقد تراجع مستواي الدراسي والتركيز، فماذا أفعل؟ فأنا أدرس في كلية الطب، وهي كلية صعبة، وتحتاج مذاكرة كثيرة، وعدم تضييع الوقت؛ فاتجهت لشركات التداول لتحقيق ربح أشتري به سيارة لنفسي. وشكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم تبين لنا حقيقة المعاملة التي ربحت منها عن طريق شركة التداول؛ حتى نعرف إن كانت منضبطة بضوابط الشرع أم لا!
والواقع في الغالب اشتمال هذه المعاملات على مخالفات شرعية تمنع صحتها وتجعلها محرمة، ومن أمثلة ذلك: ما يسمى بالرافعة المالية، وكذلك عقود الفروقات، أو عقود الخيارات، وراجع الفتاوى: 167993، 246202، 361300، 47255.

وعليه؛ فإن كنت ربحت المال عن طريق تداول مباح شرعًا؛ فلا حرج عليك في شراء سيارة، أو غيرها بهذه الأرباح.

وأمّا إذا كان التداول غير منضبط بالشرع؛ فهذه الأرباح محرمة، ولا يجوز لك أن تشتري بها سيارة، أو غيرها، ولكن عليك أن تتخلصّ منها بصرفها في المصالح العامة، وأبواب البر.

وما ذكرته من حاجتك للسيارة؛ ليس عذرًا في الدخول في التداول المحرّم؛ فهذه ليست ضرورة، وقد بينا حد الضرورة التي تبيح العمل المحرم، في الفتوى: 237145.

ومن كان حريصًا على مرضاة الله واجتناب سخطه، وكان متوكلًا على الله، فسوف يرزقه رزقًا طيبًا، وييسر له سبل الكسب الحلال، ويكفيه ما أهمّه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:2ـ3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني