الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قال: "عليَّ الطلاق بالثلاثة لا بد أن تذهب لبيت أهلها" فباتت في بيت والده

السؤال

أنا مغترب، وعندما كنت أتحدث مع والدي هاتفيًا، ولحلّ مشكلة ما قلت له: "زوجتي تذهب لبيت أهلها"، وقلت له: "عليَّ الطلاق بالثلاثة، لن تبيت في البيت، ولا بد أن تذهب لبيت أهلها"، فخرجَتْ من البيت، ولكن الوالد أخذها وابني للذهاب إلى منزله الذي يوجد في نفس العمارة، وعند حلفي اليمين لم يكن في نيتي الطلاق نهائيًّا، فهل يقع الطلاق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على أنّ الحلف بالطلاق وتعليقه على شرط -سواء أريد به الطلاق، أم التهديد، أم المنع، أم الحث، أم التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث، يقع ثلاثًا، وهذا هو المفتى به عندنا.

لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى: 11592.

والمرجع في اليمين إلى نية الحالف بما تلفظ به، فإن لم تكن له نية؛ فالمرجع إلى السبب الذي حمله على اليمين، قال ابن عبد البر -رحمه الله-: والأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية، نظر إلى بساط قصته، ومن أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته. انتهى من الكافي في فقه أهل المدينة. وراجع الفتوى: 191773.

وعليه؛ فإن كنت نويت بيمينك أن تبيت زوجتك مع أهلها في بيتهم، أو كان السبب الحامل على اليمين يقتضي ذلك؛ فالمفتى به عندنا في هذه الحال؛ أن زوجتك ما دامت لم تبِتْ في بيت أهلها؛ فقد طلقت ثلاثًا، وبانت منك بينونة كبرى.

وعلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لم يقع طلاق، ولكن عليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد، فصيام ثلاثة أيام.

وأمّا إذا كنت نويت بيمينك مجرد خروج زوجتك من البيت، وعدم مبيتها فيه؛ فما دامت زوجتك خرجت من البيت، وباتت في بيت أبيك؛ فلم تحنث في يمينك، ولم يقع طلاق، ولا تلزمك كفارة.

وننبهك إلى أنّ الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفُسّاق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني