الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطر تجاوز حدود الشرع على الخطيبين

السؤال

أنا شاب خطبت فتاة، وبيتهم مكون من طابقين، الأهل في الطابق الأسفل، وأنا والبنت كنا نجلس وحدنا في الطابق الأعلى، وتجاوزت معها في فترة الخطوبة تجاوزات كبيرة، ووعدتها بعدم تركها، مهما حدث، وعاهدت ربنا على ذلك، وقلت لها أنت زوجتي أمام ربنا، وكنت صادقا في هذا عند قوله. وفتح هذا الكلام المجال لفعل أي شيء فيما عدا الجماع. وكانت تطلب مني أفعل كذا وكذا بدون استحياء؛ لدرجة أني بدأت أشك في سلوكها وتسيبها هذا، حتى واجهتها فاعترفت لي أن حياتها كانت عبارة عن مرض نفسي، دام لسنوات، وأنها لم يكن لديها أي تجارب سابقة مع أي أحد، وأطلعتني على تاريخها مع المرض النفسي، الذي دام لسنوات، واعترفت أنها تتناول حبوبا مهدئة خلال زيارتي لها. الأمر الذي جعلني أفهم الوضع، وأنها لاتستطيع التحكم في تصرفاتها. وظللت شهرا أفكر في كيفية تركها بدون جرحها؛ خشية من المستقبل، ورعايتها للأولاد، وحياتنا بصفة عامة.
وبالفعل تركتها، وبعد فترة قصيرة أحسست أني ظلمتها؛ بسبب الوعود والعهد، فعرضت عليها أن أتزوجها زوجة ثانية، ووافقت، وتحدثنا تليفونيا، حتى وصل الحديث إلى ما كنا نفعله، ورغبتنا في فعله مرة أخرى، حتى أحسست بمدى حرمانية ما نقوله، وما نقدم على فعله، الذي حتما كنا سنفعله، فتركتها مرة أخرى، خشية من ربنا.
والآن -وبعد سنة- عرفت أنها أضربت عن الزواج بسبب تلك العلاقة، وانعدام ثقتها في الناس، بجانب حالتها المرضية، وضميري يعذبني، وأشعر بأني ظلمتها. وأريد رأي الدين في ما يجب عليَّ فعله؛ لكي أتخلص من هذه المظلمة، ومن هذا الذنب، وعواقبه في الدنيا والآخرة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينّا في كثير من الفتاوى أنّ الخاطب أجنبي عن مخطوبته -ما دام لم يعقد عليها- شأنه شأن الرجال الأجانب ، فلا يجوز له أن يخلو بها، أو يلمس بدنها، أو يحادثها لغير حاجة، ولا ريب في خطر التهاون في حدود الشرع في تعامل الخاطب مع مخطوبته، فكم جرّ هذا التهاون من مصائب وبلايا على الأفراد والمجتمعات، وانظر الفتوى: 57291.

واعلم أن قولك للفتاة : "أنت زوجتي أمام ربنا" لا يترتب عليه زواج شرعي، ولا يحل لك شيئا من الفتاة.
فالواجب عليك أن تبادر بالتوبة الصادقة إلى الله تعالى، مما وقعت فيه من المحرمات، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، ولا يلزم لصحة التوبة أن تتزوج تلك الفتاة، ولكن من صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان، ويجتهد في الأعمال الصالحة، ويكثر من الذكر والاستغفار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني