الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البنت المشاركة لوالدها لها حقوقها في الشراكة حسب الاتفاق

السؤال

أنا صيدلانية، وأمارس مهنتي منذ 10 سنوات. كنت لا أتقاضى أجري خلال السنوات الست الأولى، إلى أن تزوجت.
فتحت صيدلتي مع والدي الذي أعانني على فتحها، وتفاهمنا على أن نكون شركاء. والدي مولني بديون، وكنت أعمل لأردها، كنت أعمل في اليوم 12 ساعة، ويوميا حتى يوم الجمعة. لم أكن أتقاضى أجرا، فأجري كان الأكل والشرب. كنت أشتري لباسا واحدا كل 6 أشهر، وكنت آخذ أحيانا مبالغ قليلة من المال؛ لأتمكن من شراء ما يلزمني لعرسي.
مشكلتي بدأت بعد زواجي، حيث استبعدني أبي من عملي، وأعطاني أجرة، تلك الأجرة كانت بمثابة الصدمة، فهي تعادل 105 أورو شهريا، أي قريبة جدا من الحد الأدنى للأجور في بلدي، أي بمعنى أن من حصل على باكلوريا فقط، ويعمل بهذه الشهادة، يمكن أن يحصل عليها.
وأحضر أخي ليعمل معي في العام الثالث بعد فتح الصيدلية، مستواه الدراسي دون الباكلوريا. كونته جيدا، لم تكن لدي مشكلة مع أخي.
مشكلتي اليوم أنني أرى أبي وأخي يتصرفان في كل شيء، وأنا كل شهر أهاتف أبي؛ لكي يعطيني أجرتي، وأي أجرة!.
أبي وأخي أخذا حتى شهادتي الدراسية، فحتى قيمتي المعنوية كصيدلانية شبه معدومة.
أنا وزوجي نعاني من الديون -لنتجنب مشاكل أسرية اشترينا منزلا صغيرا مستقلا عن بيت أهله- في حين أن أبي يخرج الزكاة كل سنة.
للإشارة زوجي أستاذ ومتفهم جدا، ولا يتدخل في أموري مع والدي، في حين أن أبي دوما يجرحه بالكلام. مرضت نفسيا، واستشرت طبيبا نفسيا وصف لي أدوية مضادة للاكتئاب. أنا أم لطفلين، وفي كل مرة أنهار أمامهما.
سؤالي: هل أنا مظلومة، ويجوز لي أن أطالب بحقي، أم أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. يلزمني بأن أصمت، وأعتبره برا بوالدي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال ما ذكرت من أنك فتحت هذه الصيدلية على أساس الشراكة بينك وبين أبيك؛ فلك نصيبك من هذا المال بناء على اتفاق الشراكة، وليس من حق أبيك أن يأخذ شيئا من مالك بغير رضى منك، فقد ثبت في مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم، إلا بطيب نفس منه.

وحديث: أنت ومالك لأبيك. لا يعني أن يأخذ الأب من مال ولده ما يشاء، وإنما دل على أنه يجوز له أن يأخذ ما يحتاج إليه، وفقا لضوابط بينها أهل العلم، وسبق تضمينها الفتوى: 46692، فراجعيها.

ولك الحق في المطالبة بمالك، واحرصي على أن تكون المطالبة في حدود الأدب الشرعي، وبأسلوب حسن، مراعاة لمقام الوالد.

ويمكنك أن تطلبي تدخل بعض الوجهاء، ومن ترجين أن يقبل والدك قوله من الأقرباء أو الأصدقاء.

فإن تيسر حل المشكلة؛ فالحمد لله، وإلا فقد أجاز بعض أهل العلم مقاضاة الوالد عند الحاجة لذلك، وأنه لا يعد بمجرده عقوقا، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 148597، ولكن لا ينبغي الإقدام على ذلك قبل تبين رجحان المصلحة فيه من عدمها.

واعملي أيضا على بذل النصح لأخيك بأسلوب طيب، وذكريه بالله تعالى، وبسوء عاقبة الظلم، وسلطي عليه بعض أهل الفضل إن احتجت لذلك.

وينبغي الإصلاح بين والدك وبين زوجك، فحسن المعاشرة بين الأصهار مطلوبة.

ونوصيك في الختام بكثرة الدعاء، وكذلك ذكر الله تعالى؛ ليكون ذلك عونا لك على الصبر، وتحمل الضغوط النفسية، قال سبحانه: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}، هذا بالإضافة إلى الاجتهاد في شغل وقتك بما ينفع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني