الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب سداد أصل القرض دون الفائدة الربوية

السؤال

أثناء دراستي في دول الغرب، انقطعت عني فرص العمل بسبب المرض تارة، وتارة أخرى لم أجد فرصة عمل مناسب.
في بداية المرض علمت أني سأحتاج إلى المال خلال مرضي، ذلك لأني طالب مغترب أحصل على المال فقط من العمل، وخاصة أني قبل المرض كنت قد توقفت عن العمل بسبب التصاريح.
واضطررت للتعامل مع القروض، ظناً مني أن من الممكن بعد التعافي بفترة وجيزة، أن أسدد هذا القرض.
وهنا بدأت المشكلة عرفت أنه ستكون هناك فائدة كبيرة إن لم أدفع سريعاً، وفهمت أني أتعامل بالربا مع هذا البنك، هنا أكاد أن أكون صعقت فلم أتوقع أن أتعامل بالربا يوما ما، خصوصا أني أعرف شناعة هذا الأمر.
ازداد الأمر سوءًا بسبب تضاعف الفوائد، وتأخر حصولي على المال، واضطراري لمواصلة اقتراض المال منهم.
بعد عدم استقرار الأوضاع، وبسبب أن شركة القرض باعت الدين إلى إحدى الشركات المستغلة، تضاعف الدين لحد أني لا يمكن أن أقوم بسداده.
تواصلت مع بعض الجهات محاولاً إرجاع القرض إلى مبلغه الأصلي، ولكن دون فائدة، فكنت أدفع مثلا مبلغ 250 € شهريا، والمبلغ يزداد مثلا 500 €. مع أن أصل المبلغ 5000€. هنا فهمت أني لن أنتهي من سداد القرض.
قررت أن أغادر البلاد، وتكلمت مع إحدى الجهات وقلت لهم إني أريد سداد أصل القرض دون الفوائد، عندما أحصل على عمل، ولكن أوضحوا لي أن الأمر صعب.
الآن أنا بالفعل سددت جزءا، ماذا أفعل بباقي الدين، وخصوصا أن الشركة قامت ببيعه إلى مؤسسات أخرى: هل أدفع الجزء المتبقي لها، وأرفض دفع الفائدة؟
قد يكون من الممكن أن أدفع أصل القرض فقط بعد 10 سنوات مثلا، عندما يعجزون عن الحصول على المال بسبب مغادرتي البلد، كما فهمت من الجهات المختصة.
مشكلة أخرى أني كنت قد اشتريت جهازا، ودفع لي صديق المال، وأنا أدفعه له على دفعات. واضطررت لسداد ثمن الجهاز من مال القرض قبل أن أغادر البلد.
لا أتذكر أني اشتريت شيئا غير ضروري، بمال القرض، ولكن ما حكم ما تم شراؤه بمال القرض، هل يباح استعمال هذا الجهاز، أو أي شيء آخر دفع ثمنه من القرض؟
الآن أشعر أني كمن سرق شيئا وغادر. كيف أبرئ ذمتي؟ هل أستعمل الجهاز أم أبيعه؟ ظننت أني سأدفع هذا المال في مصالح المسلمين عندما أحصل عليه، إلى أن يتيسر لي حل المشكلة مع الجهات المقرضة بعد فترة زمنية كبيرة مثلا؟!!
ولكن الأصل أن يُرد المال لصاحبه. فماذا أفعل، خصوصا أني ما زلت طالبا، وليس لدي عمل أكسب منه مالا؟
جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد وقعت في خطإ عظيم بما أقدمت عليه من الاقتراض بالربا، ولكن ما من ذنب لا تكفره التوبة. ومن تاب؛ تاب الله عليه، وندمك من التوبة. فاستغفر الله تعالى، واعزم على ألا تعود إلى ذلك.

وأما القرض الذي أخذته، فالواجب عليك سداد أصله فقط. وأما الفوائد الربوية فلا يلزمك سدادها، بل لا يجوز لك ما لم تجبر عليه؛ قال الله تعالى: فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279}.

قال ابن كثير في تفسيره: لا تظلمون: أي بأخذ الزيادة، ولا تظلمون: أي بوضع رؤوس الأموال أيضاً، بل لكم ما بذلتم من غير زيادة عليه ولا نقص منه. انتهى.

وأما استهلكت فيه المال الذي اقترضته كالجهاز وغيره من ثياب، أو طعام، فلا يلزمك التخلص من شيء من ذلك. ويجوز لك الانتفاع به؛ لأن حرمة القرض لا تتعلق بعين المال، ولا بما استهلك فيه، وإنما تتعلق بذمة آخذه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني