الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من ألبس والده المريض ثوبا ثم وجد به نجاسة وخاف أن يخبره

السؤال

أبي انزلق، ووقع، وأصيب في ظهره، وأصبحت الحركة صعبة عليه، ويشعر بالدوار كلما وقف. عندما أراد الوضوء كان ثوبه نجسا، فقال لي: أحضري لي ثوبا آخر؛ فأخذت الثوب الذي يلبسه، وتوجهت لإحضار ثوب جديد وجلبته. وجاء أخي لمساعدته على لبس الثوب، فناولته الثوب المتسخ ناسية -والله- فألبسه إياه.
ولما كنا على مشارف بدء صلاة الجماعة، رأيت الثوب النظيف، وعلمت أنه الآن يلبس الثوب المتسخ، فقلت لأخي: ساعده لتبديله، ولكني خفت أن أذكر أنه الثوب النجس، مخافة أن يضربني أبي، وأن يدعو علي؛ لأنه قد صلى السنة بهذا الثوب؛ فرفض، وقال: هو يتحرك بصعوبة، وقد لبس وانتهى، اذهبي. أبي صلى بي وبأمي صلاة الفرض وهو جالس، وهو يلبس هذا الثوب المتسخ غير الطاهر.
ما هي عقوبتي عند الله؟ وكيف أكفر عن هذا الذنب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك عدة أمور, وسيكون الجواب في النقاط التالية:

1ـ كان من الواجب عليك إعلام أبيك بنجاسة الثوب الذي صلّى فيه، ما دمتِ تعلمين أنه نجس.

جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب: وقضيته أن كل من أعطى غيره ملكا أو عارية مثلا، ثوبا مثلا به نجاسة خفية غير معفو عنها بالنسبة لاعتقاد الآخذ، عليه إعلامه بها حذرا من أن يوقعه في صلاة فاسدة. ويؤيده قولهم: من رأى مصليا به نجس غير معفو عنه، أي: عنده، لزمه إعلامه به. اهـ.

وراجعي المزيد في الفتوى: 126867

وبناء عليه, فقد وقعت في معصية، وتكفيرها يكون بالتوبة إلى الله تعالى, وقد ذكرنا شروط التوبة في الفتوى: 5450.

أما العقوبة الأخروية من عدمها, فأمر ذلك إلى الله تعالى, ولا يمكن الجزم فيه بشيء. وراجعي المزيد في الفتوى: 36835

لكن إذا حصل يقين أو غلبة ظن بكون إعلام أبيك بنجاسة الثوب سيترتب عليه ضرر معتبر في نفسك مثلا, فلا إثم عليك.

ففي أسنى المطالب، ممزوجا بروض الطالب لزكريا الأنصاري: ولا يسقط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن القائم بهما إلا لخوف منهما على نفسه، أو ماله، أو عضوه، أو بضعه. أو لخوف مفسدة على غيره أكثر من مفسدة المنكر الواقع، أو غلب على ظنه أن المرتكب يزيد فيما هو فيه عنادا، كما أشار إليه الغزالي في الإحياء، كإمامه. انتهى.
2ـ بخصوص صلاتك خلف أبيك، مع العلم بنجاسة ثوبه, فإن كنت تعلمين الحكم الشرعي في ذلك، فصلاتك باطلة تجب إعادتها, وإن كنت جاهلة فإن صلاتك صحيحة عند بعض أهل العلم.

3 ـ أما صلاة أبيك وأمك، فصحيحة إذا لم يعلما بنجاسة ثوبه، أو علما بها بعد الصلاة، كما هو مذهب الجمهور. وراجعي المزيد في الفتوى: 321349

4ـ تصح إمامة القاعد للقادر على القيام, ويصلي خلفه قائما، كما هو مذهب كثير من أهل العلم. وانظري الفتوى: 7834 وهي بعنوان: "أقوال العلماء في إمامة المقعد"

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني