الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل رسول الله مَن علّم الصحابة أن الإيمان يزيد وينقص؟

السؤال

هل الرسول صلى الله عليه وسلم هو من علم الصحابة أن الإيمان يزيد وينقص: يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد دلّت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية على أن الإيمان يزيد وينقص، وهذا ما عليه الصحابة، وجمهور السلف، قال ابن تيمية: الصحابة، وجمهور السلف على أن الإيمان يزيد وينقص. اهـ. من جامع المسائل.

وقال أيضًا: ولهذا كان "أهل السنة والحديث" على أنه يتفاضل. وجمهورهم يقولون: يزيد وينقص. ومنهم من يقول: يزيد ولا يقول: ينقص. كما روي عن مالك في إحدى الروايتين. ومنهم من يقول: يتفاضل، كعبد الله بن المبارك، وقد ثبت لفظ الزيادة والنقصان منه عن الصحابة، ولم يعرف فيه مخالف من الصحابة. اهـ. من مجموع الفتاوى.

وفي شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي: والأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه من الكتاب، والسنة، والآثار السلفية كثيرة جدًّا: منها: قوله تعالى: {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} [الأنفال:2]، {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى} [مريم:76]، {ويزداد الذين آمنوا إيمانا} [المدثر:31]، {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} [الفتح:4]، {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} [آل عمران:173]، وقال تعالى: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون} [التوبة:124-125].

وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم النساء بنقصان العقل والدين، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين»، والمراد نفي الكمال، ونظائره كثيرة، وحديث شعب الإيمان، وحديث الشفاعة، وأنه يخرج من النار من في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان.

فكيف يقال بعد هذا: إن إيمان أهل السماوات والأرض سواء؟! وإنما التفاضل بينهم بمعان أخر غير الإيمان؟!

وكلام الصحابة -رضي الله عنهم- في هذا المعنى كثير أيضًا:

منه: قول أبي الدرداء -رضي الله عنه-: من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه، ومن فقه العبد أن يعلم أيزداد هو أم ينتقص. وكان عمر -رضي الله عنه- يقول لأصحابه: هلموا نزدد إيمانًا، فيذكرون الله عز وجل. وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول في دعائه: اللهم زدنا إيمانًا، ويقينًا، وفقهًا. وكان معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يقول لرجل: اجلس بنا نؤمن ساعة. ومثله عن عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه-. وصح عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- أنه قال: ثلاث من كن فيه، فقد استكمل الإيمان: إنصاف من نفسه، والإنفاق من إقتار، وبذل السلام للعالم. ذكره البخاري -رحمه الله- في صحيحه. اهـ.

ولا ريب في أن الصحابة إنما تعلموا أمور الدِّين كلها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن جملة ذلك: ما يتعلق بزيادة الإيمان ونقصانه.

وراجع للفائدة الفتاوى: 290632، 12517، 131762.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني