الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنفيذ وصية الأمّ بأن يسجّل البيت باسم أحد الورثة ويقسم بالتساوي بين الأولاد

السؤال

والدي ووالدتي متوفيان -رحمهما الله-، ونحن بنتان وابنان، واشترك والدي ووالدتي في بناء البيت الذي عشنا فيه، وسجّل البيت باسم والدتي -رحمها الله-، وقبل وفاتها قامت بعمل وصية مشروطة بأن يتم تسجيل البيت باسم أختي بعد وفاتها، وقامت والدتي بإبلاغ الأخت الأخرى -بحضور شهود من الأقارب والأصدقاء- أن تقسّم الحصص في البيت بالتساوي - بأن تكون الحصص أربعًا، وليس ستًّا- شفهيًّا دون أن يتم كتابة ذلك في الوصية، ولم يكن لديّ علم بذلك إلا بعد أن توفيت -رحمها الله-، وأنا أحد الورثة، وغير راضٍ بأن تكون الحصص بالتساوي بين البنين والبنات، علمًا أن أختي قامت بتوزيع الميراث على أربع حصص وليس على 6 حصص؛ تنفيذًا لوصية والدتي، وطلبت من جميع الورثة سؤال علماء الدِّين عن وصية والدتي -فيما يخص تسجيل البيت، وتقسيم الحصص-؛ لأنني أعتقد -والله أعلم- أنه سوف يتم محاسبتها في قبرها؛ لأنها لم تعمل حسب الشرع، وأنا وبقية الورثة لا نريد أن تتم محاسبة والدتي في قبرها على عملها إذا كان هنالك أي خطأ مخالف لشرع الله، ونريد أن يتم تصحيح الخطأ من قبلنا. جعلنا الله وإياكم من البارّين، ووجّهنا إلى ما يرضى به.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجوابنا عن سؤالك -أخي السائل- يتلخص فيما يلي:

1) ما دام البيت مسجلًا باسم الوالدة، فإنه تركة عنها، وليس شركة بينها وبين الوالد، إلا إذا ثبت بالبينة الشرعية أنه مشارك لها فيه، أوّ أقر الورثة بذلك.

2) وصيتها بأن يكتب البيت باسم أحد الورثة بعد وفاتها، وصية ليست لازمة؛ فالبيت بعد وفاتها حق لجميع الورثة، ويملك كل واحد منهم فيه بقدر نصيبه الشرعي في الميراث.

3) وصيتها بأن يقسم البيت بالتساوي بين الذكور والإناث؛ وصية مخالفة لوصية الله تعالى القائل: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}.

ولا شك أن وصية الله تعالى أحق بالتنفيذ من وصيتها؛ فالله تعالى هو الذي له الحكم والتشريع.

4) الوصية بأن يقسم البيت بالتساوي، يترتب عليها إنقاص نصيب الذكر، وهذا ظلم، ويترتب عليها زيادة نصيب الأنثى، والوصية بهذه الزيادة تدخل في الوصية للوارث، وهي ممنوعة شرعًا، ولا تمضي بغير رضا الورثة؛ لحديث: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ، إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَحَسَّنَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَوَّاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ الْجَارُودِ. قاله الحافظ في بلوغ المرام.

جاء في شرح المنتهى عن الوصية للوارث: وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا لِلْوَارِثِ بِشَيْءٍ؛ فَلِحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ...

وَتَصِحُّ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ الْمُحَرَّمَةُ (وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ». وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ» رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ. وَلِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ. فَإِذَا رَضُوا بِإِسْقَاطِهِ، نَفَذَ. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني