الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ينتفع بإهاب الميتة وعصبها؟

السؤال

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الانتفاع بالإهاب والعصب فما المقصود بالعصب، وهل المقصود هو العصب فقط أم يشمل باقي أجزاء الميتة ثم كيف يمكن التوفيق بين هذا الحديث وحديث إنما حرم من الميتة أكلها

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحديث الدال على منع الانتفاع بالإهاب والعصب رواه أحمد والنسائي والترمذي وغيرهم، ولفظ الترمذي: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. قال الترمذي: حديث حسن، وصححه الألباني رحمه الله.

والمعصب كما قال ابن منظر في اللسان: عصب الإنسان والدابة، والأعصاب أطناب المفاصل التي تلائم بينها وتشدها. ا.هـ

ولمعرفة حكم جلد الميتة راجع الفتوى رقم: 172، والعلماء متفقون على نجاسة جميع الميتة في الجملة، لكنهم اختلفوا في نجاسة لبنها وعظمها وسنها وعصبها وقرنها وظفرها وشعرها، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11745،14375،35836،11431.

أما عن الجمع بين الحديث المذكور أعلاه وبين حديث: إنما حرم أكلها، الذي رواه البخاري، فقد سلك العلماء فيه طرقاً، فمنهم من أسقط الحديث الناهي عن الانتفاع بالميتة، ومن هؤلاء أحمد بن حنبل رحمه الله، قال الترمذي: كان أحمد يذهب إليه ويقول: هذا آخر الأمر، ثم تركه لما اضطربوا في إسناده. ا.هـ

ومنهم من قدم عليه الأحاديث الصحيحة لأنها أقوى منه سنداً، قال ابن حجر في الفتح: وأقوى ما تمسك به من لم يأخذ بظاهره معارضة الأحاديث الصحيحة له، وأنها عن سماع، وهذا عن كتابة، وأنها أصح مخارج. ا.هـ

ومنهم من ذهب إلى الجمع بين الحديثين، قال ابن حجر في الفتح: وأقوى من ذلك الجمع بين الحديثين بحمل الإهاب على الجلد قبل الدباغ، وأنه بعد الدباغ لا يسمى إهاباً، إنما يسمى قربة وغير ذلك، وقد نقل ذلك عن أئمة اللغة كالنضر بن شميل، وهذه طريقة ابن شاهين وابن عبد البر والبيهقي. ا.هـ

وكلام ابن حجر الأخير هو الأوجه نظراً لصحة الحديثين، وإعمال الأدلة المتعارضة في الظاهر أولى من إهمال بعضها، فالقاعدة أن "إعمال الكلام أولى من إهماله" .ا.هـ

من المنثور في القواعد الزركشية، وزاد ابن نجيم في النظائر: متى أمكن فإن لم يمكن أهمل. ا.هـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني