الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاة شهادات الاستثمار إذا كان الربح لا يكفي للنفقة

السؤال

أنا رجل أملك مبلغًا من المال، أودعته في البنك كشهادة استثمار، وليس لي عمل، أو مال آخر أنفق منه على أسرتي، إلا عائد هذه الشهادة، علمًا أن العائد لا يكفيني أنا وعيالي، فأسرتي كبيرة -عشرة أفراد-، فكيف أخرج الزكاة، والعائد لا يكفيني، وليس لي عمل آخر؟ وبهذا سأتعرض لأزمة شديدة جدًّا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان مالُك المودع في تلك الشهادات يبلغ النصاب، وحال عليه الحول، فقد استوفى شروط وجوب الزكاة، فيجب عليك إخراجها، ولا تسقط عنك الزكاة بما ذكرته من أنك لا تعمل، أو لا يكفيك ربح الشهادات، وملك النصاب غنى في ذاته شرعًا، جاء في الموسوعة الفقهية: جَعَل الشَّرْعُ النِّصَابَ أَدْنَى حَدِّ الْغِنَى؛ لأِنَّ الْغَالِبَ فِي الْعَادَاتِ أَنَّ مَنْ مَلَكَهُ، فَهُوَ غَنِيٌّ إِلَى تَمَامِ سَنَتِهِ. اهــ.

فيجب عليك إخراجها، ثم متى نقص المال عن النصاب؛ فلا زكاة واجبة فيه، جاء في الموسوعة الفقهية: إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُكَلَّفِ مَالٌ، فَاسْتَفَادَ مَالاً زَكَوِيًّا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا، فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ، وَلاَ يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ. فَإِنْ تَمَّ عِنْدَهُ نِصَابٌ، انْعَقَدَ الْحَوْل مِنْ يَوْمَ تَمَّ النِّصَابُ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ، إِنْ بَقِيَ إِلَى تَمَامِ الْحَوْل. اهـ.

ولتعلم أن الزكاة بركة للمال ونماء، كما قال تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ {البقرة:276}، وروى الترمذي من حديث أبي كَبْشَةَ الأنماريّ -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: ‌مَا ‌نَقَصَ ‌مَالُ عَبْدٍ ‌مِنْ ‌صَدَقَةٍ.

فعلى المسلم المبادرة بإخراج الزكاة متى حلّ وقتها طيبةً بها نفسه، وسوف يعوّضه الله تعالى خيرًا؛ وقد جاء في الحديث: خَمْسٌ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ مَعَ إِيمَانٍ، دَخَلَ الْجَنَّةَ -وذكر منها-: وَأَعْطَى الزَّكَاةَ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ. رواه أبو داود.

وإذا كانت شهادات الاستثمار من النوع المباح؛ فإن الزكاة تجب في الربح أيضًا مع رأس المال، أي: في المال كله -المبلغ الأساسي وربحه- كل سنة قمرية، وحوله حول أصله، وانظر الفتوى:383587.

وإن كانت تلك الشهادات من النوع المحرم؛ فالواجب سحب رأس المال، والتخلّص من الربح الناتج عنه، وقد سبق بيان حكم شهادات الاستثمار وأنواعها في الفتوى: 6013، والفتوى: 6756.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني