الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل في مطالبة الابن بحقّه الشرعي في تركة والده عقوق للأمّ؟

السؤال

توفي أبي منذ ثلاث سنوات، وفي السنة الأولى لوفاته اقتسمت أمّي وإخوتي كل متعلقات أبي -رحمه الله-، ولم أكن حاضرا، ولم يتم إبلاغي بشيء.
ووجدت إخوتي وأمّي يريدون تقسيم منزل أبي -رحمه الله- بينهم، وعند اعتراضي على هذا، وطلب حقّي الشرعي في ما اقتسموا بينهم، وفي المنزل، قالت لي أمّي: إن ما كان في منزل أبي ليس ميراثًا، وإنها اقتسمته مع إخوتي، وإن كنت أريد شيئًا فخذ من الباقي، وسوف يعطيك إخوتك حقّك من المنزل مالًا.
وعند تقييم الخبير العقاري المنزل، لم يوفوا بعهدهم لي، وقالوا لي: إن الثمن الذي يمكن أن يعطوني -وهو نصف ثمن الخبرة العدلية- هو حقي في العقار فقط، واقتسموا المنزل بينهم، ولم آخذ شيئًا في منزل أبي، فبدأت أمي تدعو عليَّ بأنني طماع، ولا أريد الخير لإخوتي، وأنني عاق، علمًا أنه يمكنني أخذ حقي بالقانون، لكني لن أخرج أمّي من منزلها، مع أنني متضرر بشدة من هذا، ولكني أجد جفاء نحوها مع مرور الأيام، فهل أنا عاق لأمّي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمطالبتك بحقّك الشرعي في تركة والدك؛ ليس فيه عقوق لأمّك.

وليس من حقّ أمّك أو غيرها؛ أن تمنعك حقّك.

وفي حال النزاع على التركة، يجوز لك رفع الأمر إلى القضاء للفصل فيه، وراجع الفتوى: 283534.

لكن عليك برّ أمّك، والإحسان إليها، ولا يجوز لك أن تسيء إليها، أو تهجرها، مهما أساءت إليك، أو ظلمتك؛ فحقّ الأمّ على ولدها عظيم، وقد عقد البخاري في كتابه: "الأدب المفرد" بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما. وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ، وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.

أمّا مجرد الشعور بالجفوة تجاه أمّك؛ فلا حرج عليك فيه، إذا كنت بارًّا بها، وراجع الفتوى: 222778.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني