الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اعتراض أهل الزوجة على سفرها

السؤال

ذهبت لخِطبة فتاة من والدتها وأخيها، واتّفقت معهم على أن تسافر معي إلى أي مكان -للدارسة، أو العمل-، ولم توجد وقتها فرصة للسفر، ووافقوا جميعًا -الأمّ، والفتاة، والأخ-، وبعد ذلك حضر خال الفتاة ووالدي لتأكيد الاتفاق، وأكّد والدي الاتفاق، وقال خال الفتاة نصًّا: "أنا موافق على كل ما اتفقتم عليه"، وقبل الزواج بثلاثة أشهر جاءتني فرصة سفر للدراسة، ولم يكن هناك مانع من أهلها قبل الزواج، وتمّ الزواج، وسافرت أنا وزوجتي، ورزقنا الله طفلة، وعدنا إجازة بعد سنة وعشرة شهور لمدة 40 يومًا.
بعد ذلك سافرنا مرة أخرى، ونحن الآن في الخارج منذ سنة وثلاثة أشهر، مع ملاحظة استحالة النزول كل سنة في الوقت الحالي؛ نظرًا لتكلفة السفر (3 تذاكر بـ 45 ألفًا)، وظروف دراستي، وظروف كورونا، ولا أحبّ أن تكون زوجتي في مكان بعيدٍ عني، ولو ليوم، وقد اتّفقنا على ذلك قبل الزواج، كما بينت، وعادةً ما يكون النزول للإجازة كل سنتين، أو حسب الظروف، كما بينت سابقًا.
وخالها الآن يتّهمني أني مفرّق بين زوجتي ووالدتها، وأرسل إليَّ حديث: "من فرّق بين والدة وولدها ...
مع العلم أن زوجتي تتصل بجميع أهلها في أيِّ وقت عن طريق الإنترنت -مكالمات صوتية، أو فيديو-، ويتصلون بها في أيِّ وقت، ومع العلم أن أخا زوجتي في مصر، فهل يحق لخالها اتّهامي بذلك على عكس ما اتفقنا؟ وما الحكم الشرعي في ذلك تفصيلًا؟ وما الآثار المترتبة عليه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس من حقّ خال زوجتك -أو غيره- أن يعترض على سفرك بزوجتك حيث شئت، ويتهمّك بالتفريق بينها وبين أمّها، فسواء كنت اشترطت أن تسافر بزوجتك، أم لم تشترط؛ فمن حقّك عليها ألا تمتنع من السفر معك، والانتقال حيث شئت؛ ما دامت لم تشترط في العقد؛ ألا تسافر بها، أو تخرجها من بلدها، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء -في الجملة- إلى أن للزوج السفر بامرأته، والانتقال بها إلى حيث ينتقل. انتهى.

ففي المذهب الحنفي، قال المرغيناني -رحمه الله- في بداية المبتدي: وإذا أوفاها مهرها، نقلها إلى حيث شاء. انتهى.

وفي المذهب المالكي، قال الحطّاب -رحمه الله- في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: للرجل السفر بزوجته، إذا كان مأمونًا عليها. انتهى.

وفي المذهب الشافعي، جاء في حاشية الجمل على شرح المنهج: ومن النشوز أيضًا: امتناعها من السفر معه، ولو لغير نقلة، كما هو ظاهر، لكن بشرط أمن الطريق والمقصد. انتهى.

وفي المذهب الحنبلي، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المقنع: وله السفر بها، إِلا أن تشترط بلدها. انتهى.

فلا تلتفت لكلام خال زوجتك، واحرص على إعانة زوجتك على برّ والديها، وصلة رحمها بالمعروف.

واعلم أنّ اغتراب الزوجة عن أهلها، لا يمنع من برّها بوالديها، وصلة رحمها، حسب طاقتها؛ فأبواب البرّ كثيرة متنوعة، وليست محصورة في الزيارة واللقاء، ولا سيما إذا اقتضت الزيارة سفرًا طويلًا، وراجع الفتوى: 383983.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني