الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن ابتليت بزوج يراسل الفتيات

السؤال

أرجو منكم نصحي في هذا الموقف، وتقديم الحلّ المناسب.
أنا متزوجة منذ أربع سنوات، ولديّ طفلان، وحياتي كلّها مشاكل، وأصبح لديّ اكتئاب عند ولادة طفلي الأخير منذ سنتين، ولم أستكمل العلاج، وتحمّلت إهانات وضرب زوجي لأعيش، وفجأة اكتشفت أنه يكلّم بنات على الواتس والفيس بألفاظ سيئة جدًّا، مع ذكر كل شيء في الجسم، وصور لفتيات عرايا، وهو مدرس، ولم أتوقع هذا الشيء أبدًا، وقال: عادي؛ فأنا رجل أفعل ما شئت، وليس عليك حسابي، ولا تتجسّسي عليّ.
في هذا الوقت أصبحت أفعال الحرام لديه شيئًا عاديًّا جدًّا، وأصبحت مشتتة، مع أنه كان قدوتي في الدِّين والحياة.
لا أريد التكلّم مع أحد، ولا أريد شيئًا سوى الموت؛ بسبب هذا الألم الفظيع، ولم أعد أنتبه لأولادي، ولا أستطيع التحدّث مع أحد، ولا أنام، وهاتفه مغلق برقم سري، وأستطيع معرفته في أي وقت، فأرجو منكم حلًّا سريعًا، وأريد علاجًا للاكتئاب الحاليّ؛ لأنني أفكر كثيرًا في الانتحار. ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يفرّج همّك، وينفّس كربك، ويصلح حال زوجك.

ونوصيك بالصبر؛ فعاقبة الصبر خير في الدنيا والآخرة، ولمعرفة بعض فضائله، انظري الفتوى: 18103.

ونوصيك بكثرة الدعاء، وسؤال الله تعالى حاجتك، والتضرّع والانكسار بين يديه؛ فإنه -سبحانه- خير مدعوّ، وأفضل مجيب، وهو القائل في محكم كتابه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.

وتجدين في الفتوى: 119608 آداب الدعاء، وأسباب استجابته.

واحرصي أيضًا على الإكثار من ذكر الله؛ لتخففي عن نفسك آلام التفكير وضغوطه، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.

ويجب عليك الحذر من التفكير في الانتحار، فضلًا عن الإقدام عليه بالفعل، فليس هو بعلاج، أو حلّ لمشكلة، كما قد يزيّن الشيطان لصاحبه، بل عاقبته خسران الدنيا والآخرة، كما هو مبين في الفتوى: 10397.

وما ذكرته عن زوجك، فعل قبيح، وإثم مبين، خاصة أنه متزوج، فكيف يرتضي هذا الخبث وعنده زوجته التي يمكنه أن يعفّ بها نفسه! والأدهى والأمرّ أن يجادل بالباطل؛ ليسوّغ لنفسه ما يفعل، وهذا من أخطر الأمور، قال تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {فاطر:8}.

واعملي على مناصحته بالحسنى، وتذكيره بالله، وأليم عقابه، إن هو لقي ربّه على هذه الحال ولم يتب.

فإن رجع إلى رشده وصوابه، وتاب إلى ربه، فالحمد لله، وإلا فيسعك فراقه بالطلاق، أو الخلع، بل فراق مثله مستحب، وانظري الفتوى: 246085.

وننبهك في الختام إلى أنك إن قمت بالتجسس على هاتفه؛ فالواجب عليك التوبة من ذلك، فالتجسس محرّم، وقد نهى عنه الشرع الحكيم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات:12}، وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا... الحديث.

وفي موقعنا قسم للاستشارات النفسية والاجتماعية وغيرها، فيمكنك الكتابة إليهم، فربما أفادوك بالمزيد من التوجيهات، أو وصفوا لك بعض العقاقير المهدئة، وهذا هو العنوان:

http://consult.islamweb.net/consult/index.php ;

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني