الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التماس الأعذار للناس فضيلة

السؤال

حدث شجار بيني وبين خطيبي، هو كان يغار عليَّ من شخص ما وشتمه، أنا تفهمت غيرته تماما، ولم أغضب منه، لكن انتابني شعور بأنه اغتابه، فصرت أدافع عن الشخص الذي يغار عليَّ منه، بغرض دفع الغيبة، ولا شيء آخر، تحول الموقف بالكامل إلى موقف شجار حيث غضب خطيبي من دفاعي عنه، وأصبحت لا أدري ماذا أفعل؟ أنا فقط دافعت عن الشتيمة؛ حتى لا تقع الغيبة، لكن تفهمت غيرته، وأصبحت لا أدري، هل ما فعلته صواب أم خطأ؟
مؤخرا تصيبني الوساوس، وأشعر أني أصبحت لا أفرق بين ما ينبغي عليَّ فعله من أوامر الله، وما هو مجرد وسواس. أغار عليه أيضا من بعض الفتيات، لكن عندما أشعر أني أريد البوح بغيرتي، أخاف أن أقع في الغيبة، وسوء الظن بالفتاة التي أغار منها، أصبحت صامتة لا أدري ماذا أفعل.
تصيبني الوساوس بأني سأظلم الناس، وأظل ألتمس لهم الأعذار حتى النهاية، أصبحت مترددة، لا أدري ما الذي ينبغي عليَّ فعله، عندما يناقشني شخص ما، أو يحكي لي عن موقف معين، أو عن شخص آذاه، أجد نفسي في مأزق بين أن الشخص المؤذي هل هو يقصد فعلا؟ أم هو مخطئ؟ وأبدأ في التماس الأعذار لذلك الشخص المؤذي؛ خوفا من أن أقع في الظلم والغيبة؛ لأني لا أدري ما هو الموقف بالكامل من الناحية الأخرى. أخاف أن أقول بأن ذاك الشخص ظلمك بالفعل، وأتردد، يتحول الموقف بالكامل الى الابتعاد عن مناقشتي، وأشعر أني أصبحت مترددة، ولا أصلح للنقاش، وأصبحت موسوسة، لا أدري ماذا أفعل.
أرجوك أجبني، قل لي ماذا أفعل؟ وما هي حدودي؟ أصابني الصداع من كثرة التفكير، وحتى وأنا أكتب لك هذا أشعر أن ما قلته عن التفكير هو تقليل من نعمة الله عليَّ في التفكير، أنا إنسان في النهاية، وقد أخطئ، لكن أخاف الله، وهذا ليس عيبا، أقصد أني أصبحت لا أدري ماذا أفعل؟ وأصبحت أشعر أن من حولي سيظلمني بسبب حسن نيتي. أرجو إجابتي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان خاطبك قد نال من عرض هذا الشخص، فقد أساء بذلك، وقد أحسنت بإنكارك عليه، ودفاعك عن عرض أخيك المسلم، فهذه قربة عظيمة، روى الترمذي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة. والحديث صححه الألباني.

ويكفيك أن تسألي عن الضابط الشرعي للغيبة وغيرها من هذه الأمور، والوقوف عند حدها الشرعي، وعدم الاسترسال مع النفس فيما سوى ذلك.

وهذه الوساوس من الشيطان، ينبغي أن تحرصي على الاستعاذة بالله عند ورودها، قال تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:36}، هذا بالإضافة إلى الإعراض عن الوساوس، وعدم الالتفات إليها.

وحسن أن تلتمسي الأعذار للناس، والأصل في المسلم السلامة، وحمل أمره على أحسن المحامل، ما لم يتبين خلاف ذلك، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث.... وجاء في الأثر عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيرا، وأنت تجد لها في الخير محملا.

وننبهك بأنك وخاطبك أجنبيان عن بعضكما، فلا يجوز التواصل بينكما والمحادثة إلا لحاجة وبقدر الحاجة، وراجعي الفتوى: 331168، 21582، وتجاوز الحدود الشرعية في التعامل بين الخاطبين قد يكون سببا لمثل هذه المشاكل فلينتبه لذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني