الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعليل تكفير من يصلي بلا طهر

السؤال

كنت أحضر على شيخي درس الطحاوية، فبلغنا قول الطحاوي: (ولا نخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه)
فوقع في نفسي إشكال، وهو أن الأحناف في كتب الفروع عندهم توسع كبير في التكفير بالأفعال، ومن ذلك الرجل الذي يحدث في الصلاة ويبقى في الصلاة، ولا يخرج بسبب الحياء.
والطحاوي من كبار الأحناف، وينقل اعتقادهم. فكيف يتم الجمع بين كلامه في الطحاوية، وبين كلامهم في الفروع؟
وعلى أي أصول بنوا هذه الفروع؟
وما الكتب التي تفيدنا في هذه المسألة؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يلزم أن يكون الطحاوي -رحمه الله- موافقا لما قاله متأخرو الحنفية، واستقر عندهم من الفروع. والطحاوي -رحمه الله- من العلماء الكبار الذين لهم اختياراتهم واجتهاداتهم التي قد تخالف مذهب الحنفية، ثم إن الحنفية غير متفقين على هذا الفرع.

قال الحصكفي في الدر المختار: تعمد الصلاة بلا طهر، غير مكفر. انتهى.

والقائلون بالتكفير منهم لا يخالف كلامهم كلام الطحاوي؛ لأنهم عللوا الكفر في هذه الصورة بالاستخفاف، وهو في معنى الجحود.

قال ابن عابدين في الحاشية: الْمُوجِب لِلْإِكْفَارِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُوَ الِاسْتِهَانَةُ، فَحَيْثُ ثَبَتَتْ الِاسْتِهَانَةُ فِي الْكُلِّ تَسَاوَى الْكُلُّ فِي الْإِكْفَارِ، وَحَيْثُ انْتَفَتْ مِنْهَا تَسَاوَتْ فِي عَدَمِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ حُكْمُ الْفَرْضِ لُزُومَ الْكُفْرِ بِتَرْكِهِ، وَإِلَّا كَانَ كُلُّ تَارِكٍ لِفَرْضٍ كَافِرًا، وَإِنَّمَا حُكْمُهُ لُزُومُ الْكُفْرِ بِجَحْدِهِ بِلَا شُبْهَةٍ دَارِئَةٍ. اهـ مُلَخَّصًا. أَيْ وَالِاسْتِخْفَافُ فِي حُكْمِ الْجُحُودِ. انتهى.

وبه يزول عنك الإشكال، ويتضح مناط الحكم بالكفر عند الحنفية في بعض المسائل المشار إليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني