الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوسط والاعتدال في الأخذ بأسباب الوقاية والسلامة

السؤال

جزاكم الله خيرا.
زوجي يعمل في المستشفى، يدخل ويغتسل، ويزيل ملابس المستشفى؛ لأنه يقول إنه سيكون فيها مرض. لكن منذ أن بدأت الجائحة وهو يتخذ تدابير فوق الطاقة. مثلا: لا شيء يدخل إلى المنزل حتى يغسل، ونحن لا يمكن أن نلامس الأرض. وإذا عصيناه يصبح شخصا آخر.
لمدة سنة كنت أطاوعه، لكن عندما قرأت عن الوسوسة خشيت عليه؛ لأن الكل ينظر إليه كأنه موسوس، وخاصة أنه إن لم يغسل شيئا، أو نسي شيئا ولمسه، يصبح مهموما. ويتهم الجميع بالاستهتار، وعدم اتخاذ الأسباب.
وعندما أناقشه يقول لي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: فر من المجذوم فرارك من الأسد.
ويقول: إذا مرضت فهذا معناه عدم اتخاذ الأسباب. نبقى في المنزل لمدة شهور، وإن خرجت أو حتى صعدت إلى سطح المنزل لا يجب أن ألمس الأرض، ويقول: اغسلي، ويصرخ علي إن لمست شيئا. فأصبحت معه في صراع، هو قرأ دراسات أن كل شخص تقابله فهو مريض، وأي شيء لمسته ففيه الفيروس.
أقول له: كل هذه دراسات، وهناك احتمال أن تكون كذبا، ليس هذا من الشرع أن أشك في كل شيء، لكن لا يستمع إلي.
ومؤخرا أصبحت ألمس الأشياء؛ لكي أبين له أنها لن تضرني؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يتخذ كل الأسباب، طمعا في أن يتغير، لكن يصرخ علي. وأصبح غير مطيعة.
أعتذر عن الإطالة؛ لأن الأمر أرقني. فإذا كان هو على صواب؛ فسأكف عن نقاشه و أطيعه.
وإن كان لا، أريد إقناعه؛ لأنه يحتج بالأسباب، وأنا أخبره أن الشرع من المستحيل أن يأمرنا بهذا التكلف.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكلا طرفي قصد الأمور ذميم! والتوسط هو الحل، والاعتدال يقي المرء ضرر الطرفين: الإفراط والتفريط، المبالغة والإهمال.
والإسلام هو دين الوسطية حتى في مثل هذه الأمور، فهو يجمع بين التوكل على الله تعالى، ونفي العدوى المؤثرة بذاتها التي كان يعتقدها أهل الجاهلية، وبين الأخذ بأسباب السلامة، والعناية بوسائل الوقاية.
وقد سبق لنا بيان ما ينبغي للمسلم فعله حين انتشار الوباء، والذي يتلخص في ثلاثة أمور:
- الأخذ بالأسباب المشروعة.
- الاستعانة بالله -تعالى- والتوكل عليه.
- الرضا بقضاء الله -تعالى- وقدره.

وراجعي في ذلك، الفتوى: 415099.
وأما بخصوص حالة زوج السائلة، فوسواس النظافة مرض نفسي معروف، وعند الشك بالإصابة به يستحسن زيارة الطبيب المتخصص، ولاسيما في أوقات انتشار الأمراض؛ فإنها أوقات مرهقة جدا لصاحب وسواس النظافة، ولمن يتعاملون معه. وإرشادات الطبيب عندئذ تفيده وتفيدهم.

ونسأل الله -تعالى- أن يعافيكم ويحفظكم. وانظري للفائدة، الفتوى: 152925.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني