الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب النهي عن مقولة: غضب الطبيعة

السؤال

سمعت عن عدم جواز قول: غضب الطبيعة. وبما أنني أكتب. أريد السؤال بالتحديد عن أشياء؛ لأعرف الحدود التي أكتب بها.
1- هل فقط كلمة: "طبيعة" التي لا ينبغي لنا أن نصفها بالغضب؟
إذا كان الجواب بـ: لا. فهل يشمل هذا السماء والشمس والمطر والليل والغيم والبحر؟
2- هل المحرم هو وصفها بالشعور مثل الغضب والحزن؟ أم المحرم أيضا نسبة الحديث لها أو الكلام، أو مثلا المحرم قول: "نزلت الشمس" "أخذ الليل بفرشاته" يعني نسبة الأفعال...؟؟
3- إن كان ما أكتبه لا يقرؤه أحد. هل يمكنني استعمال كلمة: "غضب الطبيعة"؟ وأكيد لا أقصد بها أي شيء محرم، بل بالمعنى المجازي.
أرجو الرد؛ لأني في حيرة. وآسفة إذا كنت قد أطلت عليكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن النهي عن مقولة: غضب الطبيعة. هو لما يوهمه ظاهرها من المعنى الكفري، الذي يعتقده الملاحدة من أن الطبيعة هي المتصرفة في الكون. ولو قصد قائلها المعنى المجازي، فإنه ينهى عنه أيضا؛ لما فيه من إيهام المعنى الفاسد، والمشابهة لألفاظ الملاحدة والمعاندين للشريعة، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {البقرة:104}.
قال ابن سعدي في تفسيره: كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: {رَاعِنَا} أي: راع أحوالنا، فيقصدون بها معنى صحيحا. وكان اليهود يريدون بها معنى فاسدا، فانتهزوا الفرصة، فصاروا يخاطبون الرسول بذلك، ويقصدون المعنى الفاسد. فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة، سدا لهذا الباب.

ففيه النهي عن الجائز، إذا كان وسيلة إلى محرم، وفيه الأدب، واستعمال الألفاظ، التي لا تحتمل إلا الحسن، وعدم الفحش، وترك الألفاظ القبيحة، أو التي فيها نوع تشويش أو احتمال لأمر غير لائق، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن فقال: {وَقُولُوا انْظُرْنَا} فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير محذور. اهـ.

وانظري الفتويين: 130353 - 217099.

وأما قولك: ( هل فقط كلمة: "طبيعة" التي لا ينبغي لنا أن نصفها بالغضب؟
إذا كان الجواب بـ: لا. فهل يشمل هذا السماء والشمس والمطر والليل والغيم والبحر؟).

فالأمر لا يختص بالطبيعة، فنسبة الأحداث الكونية إلى غضب المخلوقات كالسماء أو الشمس أو غيرها، تشتمل على نفس المحذور، وهو إيهام المعنى الإلحادي، والتشبه بالملاحدة.

وأما قولك: ( هل المحرم هو وصفها بالشعور مثل الغضب والحزن؟ أم المحرم أيضا نسبة الحديث لها أو الكلام، أو مثلا المحرم قول: "نزلت الشمس" "أخذ الليل بفرشاته" يعني نسبة الأفعال...؟؟)

فليس من المنهي عنه نسبة "الحديث" أو "النزول" أو "أخذ الفرشات" أو نحو ذلك للشمس أو غيرها على جهة المجاز؛ لأن هذا لا يوهم معنى مخالفا للشرع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني