الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية قضاء ما دفعه الأخ عن أخيه في تكلفة البناء عند ارتفاع الأسعار

السؤال

في حياة جدّي كان هناك بيت للعائلة غير بيت جدّي، وترك بعض الإخوة البيت، وبنوا بيوتًا لهم، واستقلّوا بحياتهم، وثلاثة من أبنائه كانوا يعملون معه في الأرض، وثلاثة آخرون من أبنائه كانوا في التعليم -منهم أبي-، وأوصى جدّي أن يكون بيت العائلة للأبناء الثلاثة الذين هم في التعليم، وأراد أن يُوقّع باقي الأخوة على ذلك، بحيث لا يطلبون حقّهم في بيت العائلة بعد وفاته، إلا أن هذا الأمر قد قوبل بالرفض من أحد أبنائه وبنته.
وسعى جدّي رغم ذلك إلى تسجيل الأرض باسم الأبناء الثلاثة، وكان شرطًا أثناء التسجيل أن يكون الأبناء الثلاثة موجودين، وإلا لن يصح التسجيل، وكان أبي هو الموجود فقط، وكان الأخوان الآخران مسافرين للخارج، فقال جدّي لأبي: سأسجل الأرض باسمك، وأنت ستبني البيت، ومن يسددك من إخوتك ويعطيك حق البناء، اكتب له حقّه بالثلث في البيت، وأحد أعمامي أخذ حقّه في الأرض من والدي؛ وبذلك أصبح لأبي الثلثان، ولعمّي الباقي: الثلث.
بعد وفاة جدّي طالب الإخوة بحقّهم في البيت، وأخذوا من أبي مالًا، وقالوا له: إن هذا حقّهم في البيت، وقد سدّد أبي حق باقي إخوته؛ لأنه خاف أن يكون جدّي قد وقع في ظلم، وعدم عدل بين الأبناء، فسدّد لكل إخوته، وبقيت أخته لم تأخذ حقّها.
عاد عمّي من سفره بعد عشرات السنين، وقد بنى أبي له شقة، وعمّي قد ساهم بجزء بسيط فقط في بناء شقته في الدور الثاني، وأبي كان يسجل جميع الحسابات، وما أنفقه في البناء، وأعطاه هذه الحسابات ليراجعها، وطلب منه أبي مبلغًا من المال مقابل الذي بنى به، ووالدي قد بنى البيت عام 1988، وأراد عمّي أن يحاسبه بعد عودته من سفره الطويل في عام 2003 بأن يعطيه ما هو عليه فقط بسعر أيام 1988، إلا أن أبي رفض، فهل يجب في هذه الحالة تقسيم البيت التقسيم الشرعي، وأن يأخذ عمّي السدس فقط، لأنهم ستة أبناء وبنت؟ مع العلم أن عمّي يرفض التقسيم الشرعي، ومصمّم أن يأخذ الثلث قائلًا: هذه وصية والدي.
وهل يجب على عمّي أن يدفع لوالدي بسعر البناء في وقت التسديد، أم بسعر البناء عام 1988، فعمّي يقول: أدفع لك الباقي عليّ من 1988؛ لأني لو دفعت لك بسعر اليوم، فسيكون ربا، فهل حقّا يكون ربا؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالابن من ورثة أبيه، والوصية للوارث لا تصح؛ لأن له نصيبًا شرعًا في الميراث؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني. وراجعي في ذلك الفتوى: 240931.

وعلى ذلك؛ فتمسك هذا الابن بوصية أبيه مع رفض بقية الورثة: ليس له وجه شرعي، وليس له من التركة إلا نصيبه الشرعي من الميراث.

وإن كان الورثة محصورين في ستة أبناء ذكور، وابنة واحدة، فنصيبه: سهمان من ثلاثة عشر سهمًا.

وأما المسألة الثانية، فجوابها: أن ما دفعه الأخ عن أخيه في تكلفة البناء، يكون له حكم الدَّين في ذمّته، والأصل أن الدَّين يقضى بمثله، لا بقيمته، ولا يصح ربطه بمستوى الأسعار، أو بمعدل التضخم، وراجعي في ذلك الفتويين: 99163، 114210.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني